حاوره/ عبدالرقيب المجيدي -

عندما نتحدث عن الثقافة الواسعة والحس الإنساني، وعن دفء العاطفة الحقيقية والقدرة الفائقة على التعامل مع الناس، فإننا نتحدث عن الأستاذ أحمد الخزان، مدير دار  رعاية وتأهيل الأيتام, والذي له قدرة على التأثير ليس فقط في طلاب دار الأيتام فحسب، وإنما على كل من يستمع إليه. والذين يعرفونه يدركون أنه قادر على أن يكون جناحاً يوفر للأيتام الفيء والطمأنينة، ويداً حنونة تزيح عن كاهلهم غبار الحرمان واليأس.. أحمد الخزان كتاب ضخم تتوسط سطوره طموحات وآمال وإبداع طلاب دار الأيتام. وفي هذا اللقاء يتحدث عن المبدعين في دار الأيتام وعلى القدرات الإبداعية التي يتمتعون بها في كافة المجالات، في الشعر والمسرح والتمثيل، وفي الإنشاد وفي الرياضة وفي البرع وغير ذلك. ويعتبر إبداعات طلاب دار الأيتام بارقة أمل وبداية لسلسلة من الجهود التي يجب أن تبذل لإظهارها وإخراجها.. متمنياً من الجهات المعنية ألا تغفل عن هؤلاء المبدعين الذين لهم إسهامات كثيرة في رفد الثقافة وفي مواجهة العدوان.. أحمد الخزان شخصية إنسانية ووطنية بامتياز.

منجم مواهب
• في البداية لو تحدثنا عن الإنجازات التي حققتها دار رعاية وتأهيل الأيتام في إظهار القدرات الإبداعية للأيتام؟
تحتوي دار رعاية الأيتام على أكثر من 600 طالب. ولا شك بأن تنوع الطلاب يؤدي إلى تنوع المواهب. وإذا كان هناك رعاية كاملة وتوفير متطلبات الأيتام من وسائل تقييمهم على إظهار إبداعاتهم فستظهر كثير من الإبداعات الأخرى. وأكثر ما تتميز به دار الأيتام الإبداعات الكثيرة، منها حلقات القرآن والجانب الرياضي وخصوصاً كرة القدم والطائرة والتنس. وتحقق دار رعاية الأيتام المراتب الأولى على مستوى أمانة العاصمة في هذا الجانب. هناك أيضاً جانب المسرح والإنشاد والتراث الشعبي والبرع وغير ذلك. كما يسهم طلاب دار الأيتام بإبداعاتهم في المشاركات المجتمعية على مستوى المدارس والجامعات بل وعلى مستوى الأحياء. ونحن قادمون على مرور الذكرى الرابعة لبدء العدوان، واستقبال العام الخامس من الصمود، ولا شك سيكون للأيتام دور في هذا الجانب، وأيضاً بعد شهر وتحديداً في يوم 4/4 سنكون على موعد مع مناسبة اليوم العربي لليتيم، ونحن نعد لهذه المناسبة الأوبريتات الشعرية والأناشيد والتكريم.

مجاهدون في سبيل الوطن
• اليتيم يلعب دوراً كبيراً في رفد الثقافة وفي مواجهة العدوان ولا يكتفي بأن يكون يتيماً.. ما تعليقك؟
الحقيقة منذ عامين وأنا في دار الأيتام، وأدركت أن اليتم يصنع العظمة ويصنع الصبر والجلد ويصنع الرجولة. وبرغم قرب دار الأيتام من "نقم" ومن "النهدين"، والتي تعرضت للقصف الشديد إلا أن الأيتام لم يغادروا الدار، ربما لأنها مأواهم الوحيد، والبعض منهم لديهم أقارب، ومع ذلك لم يغادروا وظلوا ثابتين رغم الطيران والقصف القريب منهم، وقد تأثر المبنى من ذلك القصف والغارات، حتى أن من تخرج من الأيتام وبلغ السن القانونية للدفاع عن الوطن والجهاد في سبيل الله تحركوا دفاعاً عن الوطن وذهبوا إلى الجبهات.

إسهامات فنية
• لدار الأيتام العديد من الأوبريتات والمسرحيات... لو تعطينا نبذة مختصرة عنها؟
لا يمر عام إلا وهناك أوبريتات جديدة. هناك أوبريت "رسالة الأيتام إلى رسول الله" كان في المولد النبوي، وفي "أطفال ضحيان" وأوبريت "سبأ" تحدث عن اليمن وعن حضارة اليمن وعرض في جامعة صنعاء وفي مناسبات كثيرة. ونحن الآن قادمون على إعداد أوبريت بعنوان "يمانيون" وهو في طور الإعداد.

شحة إمكانيات
• في رأيك، بأي معنى يكون الواقع الفني والثقافي لليتيم مؤلماً؟
المؤلم فعلاً عندما تكون الموهبة موجودة ولا تستطيع إخراجها إلى حيز الوجود. وبسبب العدوان انقطعت الرواتب، وهذا يسهم في تغييب كثير من المتخصصين في هذا الجانب، فالمخرج المسرحي والمؤلف والمنشد والممثل ضمن الكوادر العاملة في الدار. والشيء المؤلم عندما يكون لديك كوادر كثيرة والإمكانات قليلة، فمثلاً أحياناً يكون المسرح كبيراً يحتاج إلى الإخراج، يحتاج إلى التسجيل والإعداد... حتى أن بعض المسرحيات تكلف أكثر من 500 ألف ريال، وتحتاج كذلك إلى الملابس التي تناسب الدور...

أسرة واحدة
• من لفت انتباهك من المبدعين في دار الأيتام؟
دار الأيتام تشكل أسرة واحدة، تستطيع أن تكتشف ذلك مع الأيام، سواء عن طريق المدرسة أو عن طريق إدارة الأنشطة أو عن طريق الطابور الصباحي، وهناك قسم إدارة الأنشطة.

• هل أنت من كتاب المسرحيات؟
أنا عندي هواية في كتابة المسرحيات، ولي مسرحيات سابقة قبل أن آتي إلى الدار، أنا أحب المسرح وأحب الإنشاد وأحب الرياضة.

الاستفادة من الأيتام المبدعين
• ما هو الشيء الذي ينقص المبدعين في دار الأيتام؟
أنا أتمنى من الجهات المختصة في الدولة ووزارة الثقافة خصوصاً أن يستفيدوا من هذه الكوادر. بالإمكان أن يكون هناك كادر رائع يرفد جانب الثقافة وجانب المسرح، فاليتيم متواجد 24 ساعة في الدار، وينبغي دعم أصحاب المواهب منهم، فهناك المبدع في الشعر والمبدع في المسرح والمبدع في الكشافة والمبدع في الأنشطة الرياضية والمبدع في التراث الشعبي وفي الإنشاد... وكما كنا نسمع عن الدور الرائد لدار رعاية الأيتام سابقاً سيكون لاحقاً إن شاء الله الأدباء والشعراء والقادة والسياسيون في هذه الدار. بالفعل هنا مصنع القيادة بكل أنواعها.

نعمل بما هو موجود
• ما الذي يزعجك؟
يزعجني العدوان، لأنه قطع موارد الدولة وتوقفت ميزانية دار رعاية الأيتام تماماً، وأيضاً قلة الكوادر بسبب انقطاع الرواتب، ومع ذلك لا يوجد لديهم مانع في الإشراف على الأنشطة والتدريس، لكنها بحاجة إلى بدل مواصلات، وهذا أقل شيء طبعاً. المرحلة هي مرحلة تحدٍّ، وهناك إنجازات في الدار أكثر من إنجازات الفترة العادية، وأنت تجولت في الدار ورأيت ما رأيت، في ما يخص الأيتام في التغذية وفي الجانب الصحي وفي الجانب الإبداعي، ونحن نتشرف بزيارتك، وقد جاءت زيارتك للدار بعد أن لاحظت في أحد الأحياء مشاركة الدار بمسرحية "أطفال ضحيان" فأعجبت بها، ورغم ذلك لم يوقفنا انقطاع الميزانية والعدوان وقلة الكوادر التي تعمل في الدار، فنحن نستعين بالله وبالكوادر الموجودة.

قلعة علمية وأدبية
• بماذا يحلم الأستاذ أحمد الخزان؟
عندما دخلت دار الأيتام قلت لأبنائي: نريد أن نجعل من دار الأيتام قلعة علمية وأدبية تسودها روح المحبة والإخاء والإبداع والتعليم، وأن تكون قلعة ليس على مستوى اليمن بل على مستوى العالم، وأن تسود بيننا ثقافة الإخاء، ثقافة المحبة، ثقافة الإبداع والاختراع والاكتشاف... نحن الآن نعمل على برنامج جودة التعليم واكتشاف المهارات الإنتاجية، باعتباره من الأساسيات، وقد وضعنا رؤية موحدة نريد من دار رعاية الأيتام أن تكون الصورة الحقيقية لليمنيين وغير اليمنيين من الالتزام الديني والأخلاقي والثقافي والإبداعي واحترام الرأي بما لا يتناقض مع الثوابت الدينية والوطنية وأن نعيش كأسرة واحدة. وشكراً لك ولصحيفة "لا" على هذا اللقاء.