ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

بعد التهديدات الإيرانية ضد العقوبات الأمريكية، أعلن بنيامين نتنياهو في أغسطس: "إذا حاولت إيران إغلاق ممر باب المندب، فأنا متأكد من أنها ستجد نفسها تواجه ائتلافاً دولياً مصمماً على منعها. كما أن هذا التحالف سيشمل جميع فروع الجيش الإسرائيلي". 
وقد تم بالفعل إنشاء مثل هذا التحالف في عام 2015 من قبل السعودية، التي اشتركت مع الإمارات والبحرين ومصر وباكستان. وإسرائيل هي أيضاً شريك غير رسمي. كما أن شركات الإنترنت الإسرائيلية، وتجار الأسلحة، ومدربي الحرب على الإرهاب، وحتى المهاجمين المأجورين الذين تديرهم شركة مملوكة لإسرائيل، هم شركاء في الحرب في اليمن. 
في سبتمبر، نشرت صحيفة "الخليج" على الإنترنت مقالاً طويلاً عن تورط إسرائيل في تدريب المقاتلين الكولومبيين والنيباليين، الذين جندتهم الإمارات للحرب في اليمن. ويستشهد التقرير بمصادر في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي قال فيها إن المجند الأجنبي كان محمد دحلان، وهو عضو في لجنة فتح المركزية ورئيس المخابرات في غزة. تم طرد دحلان من فتح في عام 2011 وانتقل بعد ذلك إلى الإمارات، حيث أصبح مستشار ولي العهد الإماراتي ومسؤول الاتصال والوساطة بين قوات الأمن الإماراتية وإسرائيل. كما يذكر التقرير أن إسرائيل أقامت قواعد تدريب خاصة في النقب، حيث تم تدريب المرتزقة من قبل المقاتلين الإسرائيليين. وكان دحلان من حين لآخر يزور تلك المخيمات، حيث رفع العلم الإماراتي. 
شارك المرتزقة فيما بعد في الحرب على مدينة الحديدة الساحلية ومناطق القتال الأخرى في اليمن. 
وقالت مصادر الموقع إن إسرائيل باعت أيضاً قنابل وصواريخ للسعودية، وبعض أنواع هذه القنابل محظور. وفي الآونة الأخيرة تم الإبلاغ عنها، ونفت في وقت لاحق أن إسرائيل أيضاً باعت طائرات مقاتلة بدون طيار للسعودية وتعتزم بيعها أنظمة القبة الحديدية كذلك. 
كتبت العديد من التقارير عن شركات إسرائيلية مثل مجموعة (إن إس أو)، التي يشتبه بأنها تبيع برامج تجسس للسعودية من طراز (بيغاسوس) متهمة بالمساعدة في تعقب الصحفي المعارض جمال خاشقجي وتصفيته، أو شركة (إي جي تي) التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوشافي، والتي فازت عام 2007 بعقد بقيمة 6 مليارات دولار أمريكي لإنشاء أنظمة مراقبة في أبوظبي. بيد أن الذي لايزال يشكل لغزاً غامضاً هو: إلى أي مدى خدمت التكنولوجيا الإسرائيلية القوات المقاتلة في اليمن؟! 
شركة أخرى هي مجموعة عمليات (سبيرهيد)، التي أسسها أبراهام جولان الإسرائيلي وهي مسجلة في الولايات المتحدة، كانت مسؤولة عن اغتيال رجل الدين اليمني أنصاف علي مايو في ديسمبر 2015. كان مايو أحد قادة حزب الإصلاح اليمني، التابع لجماعة الإخوان المسلمين. هذه الأخيرة مصنفة في دولة الإمارات كمنظمة إرهابية. أكد جولان لبازفيد في أكتوبر أن "هناك خطة لمجموعة اغتيالات مستهدفة في اليمن.. ولقد نفذناها. وكانت الخطة تحت رعاية دولة الإمارات كجزء من التحالف". 
وأضاف جولان أنه خلال الأشهر التي كانت فيها شركته نشطة في اليمن، كان مسؤولاً عن العديد من الاغتيالات "البارزة"، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى خطة اغتيال استناداً إلى النموذج الذي أقامه هو بنفسه، ووفقاً لبازفيد، فإن أولئك الذين نفذوا الاغتيالات كانوا فيما يبدو مقاتلين سابقين ضمن قيادة أمريكية عليا. 
الإسرائيليون ليسوا وحدهم من يبيعون الخدمات العسكرية للإمارات والسعودية للذهاب إلى الحرب في اليمن، فقد كونت الشركات الأمريكية الخاصة وكبار ضباط وكالة (السي آي إيه) السابقين ثرواتهم في هاتين الدولتين، تماماً كما كسبت الشركات الخاصة ثروة هائلة من الخدمات "العسكرية" التي قدمتها للحكومة العراقية بعد الاحتلال. وتشمل هذه الخدمات ساحات القتال النشطة وجمع المعلومات الاستخباراتية عنها وكذلك قيادة وحدات المرتزقة أو الوحدات القتالية من السعودية والإمارات. على سبيل المثال، يشغل الجنرال الأمريكي السابق ستيفن توماجان منصب قائد القيادة الجوية المشتركة لدولة الإمارات، وكان رئيساً لوحدة هيليكوبتر قاتلت في اليمن. 
إن توماجان ليس مقاولاً من الباطن للأجهزة الأمنية الأمريكية، بل يرتدي الزي العسكري للقوات الجوية الإماراتية، وفي مقابلاته يتحدث عن نفسه كجنرال في جيش الدولة. يمثل توماجان مرحلة جديدة في خصخصة الحرب في اليمن، وكذلك في الدول الأخرى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة ولكنها لا تشارك فعلياً في المعارك. 
إن المشاركة الأجنبية في جيوش الدول العربية ليست جديدة، فالطيارون الباكستانيون على سبيل المثال يقودون الطائرات السعودية، وقائد الحرس الرئاسي في دولة الإمارات هو الجندي الأسترالي مايك هيندمارش. كما تقوم شركات من جميع أنحاء العالم بما فيها إسرائيل بإدارة أنظمة استخبارات متقدمة، لذلك فإن مصطلح "المرتزقة" قد تطور من وحدات مقاتلة مسلحة من الدول الفقيرة الذين يأتون لتحسين مستوى معيشتهم إلى لعب دور مليء بالأنشطة الواسعة بما في ذلك إنشاء وحدات قتالية وقيادة لهم، والتخطيط لأعمال الحرب، وشراء المعدات وإدارة الميزانيات. 
إن الفرق بين إرسال المقاتلين الذين يخدمون في جيوش الدول الأجنبية، مثل القوات الإيرانية والروسية في سوريا، أو قوات التحالف الغربي الذي يقاتل في أفغانستان، والمرتزقة الذين يتم تجنيدهم بشكل خاص، هو فرق مشوش (غير واضح). حيث تخضع القوات النظامية العاملة في الدول الأجنبية لقوانين الدولة التي ترسلها، بخلاف المرتزقة، الذين يتصرفون بناءً على تعليمات من الدولة المجندة لهم. لكن هذه أيضاً هي المشكلة بالنسبة لتوظيفهم. 
تحتاج هذه القوات إلى تصريح قانوني، يتم منحه بعد نقاش برلماني أو تشريعي، ومن ثم تستطيع الدولة اتخاذ قرار بشأن نوع القتال الذي ستشارك فيه قواتها وطول الفترة التي ستظل فيها على أرض أجنبية. وفي المقابل، لا يخضع المرتزقة، سواء كانوا مقاتلين أو في شركات تكييف الهواء عالية التقنية في دبي أو الرياض، إلا لشروط عقد تجنيدهم، ما لم ينقلوا معلومات إلى دولة أجنبية دون تصريح. 
ومن الأمثلة على ذلك قرار مجلس النواب الأمريكي بحظر مشاركة القوات الأمريكية في الحرب في اليمن (على الرغم من أن التعاون الاستخباراتي لا يزال مسموحاً به). هذا قرار تفسيري يقصد به أن ينقل إلى الرئيس دونالد ترامب وولي العهد السعودي أن الولايات المتحدة لم تعد تدعم هذه الحرب، التي خلقت واحدة من أعظم المآسي الإنسانية، على الرغم من وصفها بأنها صراع ضد إيران. 
ليس لدى الولايات المتحدة أي قوات عسكرية ناشطة في الحرب في اليمن، لكن "جيش" من المرتزقة، والذي يضم العديد من الأمريكيين، قد يستمر في العمل دون عوائق طالما تم تمويله من قبل الدول العربية. 
لم يستبعد كبار المرتزقة الحاجة إلى "علف المدافع" الذي جندته الدول المقاتلة من المخزون المتوفر في الدول الفقيرة. لقد تجنب الكثير من اليمنيين الانضمام إلى جيش دولتهم لمحاربة المتمردين الحوثيين، فهم يفضلون أن يكونوا مرتزقة للجيش السعودي لنفس القضية. وقد يعود جزء كبير منها إلى الأجور، حيث يكسب جندي في الجيش اليمني حوالي 100 دولار في المتوسط، في حين أن الأجر الشهري للمرتزقة يتراوح بين 350 و500 دولار بالإضافة إلى مبلغ 130 دولاراً لكل هجوم. يكسب المقاتلون الكولومبيون 3 أو 4 أضعاف ما يمكن أن يحصلوا عليه في جيشهم، في حين أن المقاتلين الأفغان الذين تم تجنيدهم من بين آلاف الأفغان اللاجئين في إيران للقتال في سوريا يحصلون على 250 دولاراً شهرياً. والأهم من ذلك، أن بإمكانهم الحصول على الجنسية الإيرانية مع عائلاتهم. 
والمرتزقة الأغلى سعراً هم من وحدات النخبة الأمريكية، مثل نافي سيلز (قوات العمليات الخاصة الابتدائية للبحرية الأمريكية)، حراس الجيش والمارينز. ووفقاً لموقع silentprofessionals.org فإنه يمكن لمحترف يتلقى التدريب كقناص ويحصل على وظيفة في أفغانستان أو العراق أن يحصل على 544 دولاراً في اليوم بالإضافة إلى الامتيازات والمكافآت. ولا يمكن للمرتزقة اليمنيين أو الكولومبيين الحصول على هذه الوظيفة المرغوبة حتى لو كانوا قناصة موهوبين، بما أن المطلب الرئيسي هنا هو الحصول على الجنسية الأمريكية. لكن هذا لا يعني أن الشركات الخاصة لن توافق على توظيف قناصين موهوبين من دول أخرى، لأن مبدأ العرض والطلب يعمل في هذه السوق أيضاً. 
قد يكون المرتزقة أشخاصاً عاديين أو شركات لا تمثل الحكومات، ولكن غالباً ما يشتبه في أن الدول التي يأتون منها هي التي بادرت أو على الأقل غضت الطرف عن أنشطتهم. قد تدعي وزارة الدفاع الإسرائيلية أو الموساد أن الأشخاص الذين خدموا في صفوفهم وهم الآن مقاولون بشكل خاص في الإمارات أو دول أمريكا الجنوبية لا يعملون باسم إسرائيل، وطالما أنهم لا يخالفون قوانين الدولة المضيفة لهم لا يوجد سبب لمحاكمتهم. لكن من المشكوك فيه ما إذا كان أي شخص سيقبل هذه الذريعة عندما يكون مثل هذا المرتزق، سواء كان مقاولاً مستقلاً أو شركة خاصة، يعمل في دول أجنبية بطريقة تخدم مصالح إسرائيل، مثل الحرب ضد إيران. وبالتالي هناك من يجادل بأنه إذا كانت إسرائيل لا تستطيع السماح لأي شخص بنقل المعلومات والتكنولوجيا مباشرة إلى السعودية أثناء تجنيده، فيمكنه الانتظار بضعة أشهر حتى يتم صرفه ومن ثم المضي قدماً على انفراد، للحصول على أموال كبيرة. 
وبعد كل شيء، كل ذلك للغاية نفسها، وهي أمن إسرائيل أو أمن المنطقة أو أمن العالم. 
* صحيفة (هآرتس)