تقرير : عادل الدغبشي/ لا ميديا

أوشك حزب المؤتمر الشعبي العام (فصيل صنعاء) على إنهاء التحضيرات لانعقاد لجنته الدائمة، كطقس سياسي اعتيادي تقتضيه لوائح الحزب، حسب ما أعلنه رئيس اللجنة التحضرية خالد الشريف، الثلاثاء الفائت.
الاجتماع المرتقب -وفق منظميه- سيشكل محطة هامة في مسار تفعيل العمل التنظيمي للحزب واستعادة المؤتمر (لدوره الوطني الرائد)، غير أن ظرف انعقاده الزمني يعكس خلاف ذلك، بالنظر إلى ما ألم بهذا الكيان من اختلالات وانقسامات سياسية وتنظيمية بدءاً من العام 2011 وصولاً إلى أحداث ديسمبر 2017 وما بعدها. 
فصول جديدة من الصراع المحتدم على تركة صالح السياسية، بين قيادات فصائل المؤتمر الثلاث في صنعاء والرياض والقاهرة، فضلاً عن رجالات عائلته الذين يتمسكون بأحقيتهم في الإرث السياسي وأدوات الحكم.
مستجدات المشهد السياسي الراهن تظهر حالة من التجاذبات المحلية والإقليمية والدولية، تحاول خلالها قوى متعددة استقطاب استمالة قيادات مؤتمرية شاردة استمرأت التقوقع في تجمعات اعتبارية ولدتها حالة التشظي والانقسام التي لحقت بالحزب.. واستخدام تلك القيادات كأدوات في الصراع متعدد الأقطاب، الأمر الذي وضع تلك القيادات وخصوصا من كانت مقربة من صالح وأقاربه أمام خيارات صعبة في ظل المغريات التي تلوح بها تلك القوى.
مصادر سياسية تؤكد أن محاولات حثيثة تقوم بها الإمارات والسعودية ومصر وقوى دولية لزيادة تشظية حزب المؤتمر، ومن ثم استقطاب قياداته في الخارج وخصوصاً الفاعلة والمؤثرة من الصف الأول، بالإضافة إلى قيادات تتواجد في صنعاء رغم يقينهم بأن التقرب إلى الأخيرة أمر صعب للغاية، باعتبارها الحلقة الأقوى المتبقية والمتماسكة من الحزب، بالإضافة إلى موقفها الثابت تجاه العدوان على اليمن والرافض لانتهاك سيادة البلد والتعدي على حرمته.
تجتهد الرياض للتأكد من ولاء قيادات بارزة مثل أحمد الميسري وياسر اليماني ورشاد العليمي وربما سلطان البركاني، وآخرين من قيادات الحزب التي فرت مع حكومة هادي إلى السعودية أو تلك التي فضلت البقاء في المنطقة الرمادية كالقاهرة.
 كما تعزف أبو ظبي على الوتر الأسري بنغمة رفع العقوبات عن أحمد علي للدفع بقيادات مؤتمرية موالية من الصف الثالث مثل خالد بحاح، وقيادات في المجلس الانتقالي للدخول معها في تحالفات جديدة توسع صراعها جنوبا، وربما الوقوف في مواجهة (شرعية هادي) والتيارات الإسلامية المنخرطة معها، وتغيير وضع الخارطة السياسية لتلك المكونات. أما واشنطن فإنها تركز على القيادات العسكرية والأمنية، التي دربت عدداً منها خلال سنوات ما قبل العام 2015، وهي تضغط لإعادة الكثير منها إلى الواجهة.
يأتي ذلك في ظل أحاديث عن عودة محتملة لوجوه مؤتمرية عدة وقيادات مقربة من أسرة صالح ورجاله، إلى الحكم خلال الفترة المقبلة، كجزء من صراع أطراف محلية وإقليمية مختلفة. 
تلك الأحاديث دفعت قيادات فصائل الحزب الثلاث كلا على حدة، لمحاولة إنعاش الكيان السياسي الهزيل والدفع نحو توحيده.. فجنوباً يحاول رئيس الوزراء السابق، أحمد عبيد بن دغر، وفق مصادر سياسية، لمّ شمل الحزب مجدداً وإحياء دوره والدفع بقيادات مقربة منه إلى الواجهة، رغم معارضة الإمارات لمشروعه، بسبب خصومة سابقة بينهما. 
كما تدفع مصر والولايات المتحدة بالبعض من رجال صالح، خصوصاً المقيمين في القاهرة، إلى الواجهة، وهو ما اعتبرته قيادة فصيل الحزب في صنعاء مؤامرة خارجية من قبل قوى ترتبط بأصحاب المصلحة ممن انشقوا عن الحزب منذ 2011.. وعبرت عن استغرابها ممن يطلبون شرعية حزبية من الخارج.
رئيس الحزب، صادق أمين أبو راس، أكد في خطاب له مطلع الشهر الجاري أن من قرروا البقاء في صنعاء هم المؤتمريون الحقيقيون الذين وقفوا مع الوطن وأصروا على مواجهة ما يتعرض له من عدوان، وأن الأحزاب تستمد شرعيتها من قاعدتها العريضة في الداخل، مشيراً إلى أن التهيئة لاجتماع اللجنة الدائمة الرئيسية تأتي وفقاً للنظام الداخلي للمؤتمر الذي ينص على أن تعقد اجتماعاتها كل 6 أشهر، فيما هي الآن لم تعقد اجتماعها منذ 5 سنوات، مشدداً على ضرورة رفع شأن المؤتمر عالياً، والتنسيق مع أنصار الله بشأن إغلاق ملف ديسمبر ومعالجة تداعياته.
وخلافاً لفصائل المؤتمر في الخارج والتي تحاول الاستقواء بدعم ومؤازرة القوى الخارجية، تصر قيادات الحزب في صنعاء على أحقيتها في إرث صالح السياسي من منطلق بقائها في الداخل ووجودها وسط قاعدتها الحزبية، واستمرارها في تأدية مهامها نحو الشعب رغم شحة الإمكانيات وتزايد العراقيل والمعوقات.
وعلى الرغم من تأكيد قيادات مؤتمر صنعاء أن تحضيراتها لعقد دائمة الحزب تعد خطوة هامة لتصحيح المسار السياسي ولملمة الصف وتفعيل النشاط التنظيمي بكافة تكوينات المؤتمر وفروعه لمواجهة مساعي تمزيقه والنيل من كيانه الاعتباري، يرى محللون في تلك الخطوة محاولة للاستفراد ببقايا الحزب وحصر أفقه على قياداته وأعضائه في الداخل واستبعاد من في الخارج بشكل كلي، الأمر الذي سيولد المزيد من الخلافات وسيتسبب كثيرا في توسيع التصدعات في جسد الحزب المنهك، وأن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التشظي والتشتت وربما اضمحلال الحزب وأفوله.