طلال سفيان/ لا ميديا

نجم أسطوري كبير حقق الكثير من الشهرة والنجومية لثلاثة عقود من الزمن.. 
امتلك ثلاثية القيادة والمهارة والأخلاق، و(ضربها بالخلاط) حتى أخرجت لكرة القدم اليمنية 
في عصرها الذهبي نجماً كأنه  جاء من كوكب آخر، وقائداً ملهماً عانق الشهرة والمجد في زمن قياسي.استطاع 
أن يحقق لنفسه مكانة متميزة في قلوب الكثير من عشاق ومتابعي الساحرة  المستديرة بتفرده اللافت للأنظار كواحد من ألمع نجوم الزمن الجميل الذين سطروا بإبداعاتهم ولمساتهم الخلاقة أروع اللوحات الخالدة على شكل سيمفونيات كروية خالدة في ملاعبنا المستطيلة لعقود طويلة، كما هو الحال بالنسبة لنجم هذه الإطلالة الأسبوعية لـ(لا الرياضي) الكابتن عبدالعزيز القاضي، الذي  سجل اسمه بأحرف من ذهب كأحد أبرز وأشهر عمالقة كرة القدم في اليمن.. فإلى تفاصيل الرحلة في أعماق ذكرياته وإبداعاته.


بدأت في الهلال واعتزلت في الأهلي
• ما هي المحطة الأولى لنجمنا الكروي العملاق، والتي ولج من خلالها إلى عالم الشهرة والنجومية؟
بدأت أمارس كرة القدم عام 1958 في مدارس مدينة تعز بعد عودتي في مرحلة الطفولة من مدينة أسمرة الإريترية التي كان يعمل فيها والدي قاضياً.. وكان أول نادٍ أنضم له في ذلك العام هو نادي الهلال بتعز، ضمن صفوف الفريق الثاني، وكان حينها كابتن الفريق الأول عبده محمد أبو الذهب (التاجر المشهور في مدينة تعز).
وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، انضممت لفريق اتحاد النقابة في مدينة تعز، ومن ثم انتقلت إلى نادي المركز الثقافي الذي أصبح اسمه لاحقاً الأهلي، وفي عام 1967 التحقت بصفوف نادي الجيل بمدينة الحديدة لمدة 3 أعوام، وبعدها عدت إلى نادي الصحة بتعز، وبسبب عدم التزام لاعبي الصحة بالتداريب شددت رحالي عام 1971 مجدداً إلى نادي أهلي تعز، واستمررت معه حتى اعتزالي اللعب عام 1986.

ألقاب القلعة الحمراء
• ما هي الألقاب التي حققتها خلال مسيرتك مع الأهلي حينما كان الأهلي يضم كوكبة من أفضل النجوم وفي مختلف الصفوف والمراكز؟ 
أسهمت مع زملائي الأفذاذ في صناعة الكثير من الأمجاد وحصد العديد من الألقاب للقلعة الحمراء, منها: درع الدوري اليمني (دوري المحافظات) للأبد، وبطولة الدوري عام 1986.

لعبت مع أول منتخب وطني
• كيف جاء ضمك للمنتخب اليمني (الشمالي)؟ 
منذ عام 1967 شاركت مع المنتخبين: العسكري والشرطة، ولعبت معهما عدة مباريات، ومنها بطولات شهيرة في الأردن وسورية.
وعام 1970 تم ضمي من قبل الكابتن علي محسن المريسي، لمنتخب الجمهورية العربية اليمنية الأول لكرة القدم.. وهو بالمناسبة أول منتخب وطني بعد انضمام اليمن الشمالي إلى عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1969.

المريسي اختارني
• كيف اختارك الكابتن المريسي؟
في رحلة الأهلي الأفريقية إلى جمهورية الصومال يوم أن خاض الأهلي أكثر من مباراة ودية أهمها أمام هورسيد الصومالي النادي المعروف على مستوى القارة الأفريقية.. وبعد رحلة احترافه مع الزمالك المصري، لم يتفاجأ الراحل علي محسن وحده بمستوى النادي الأهلي، حيث تساءل قائلاً: أيعقل أن يكون هذا نادياً من أندية اليمن؟ وحينما تبين له ذلك ذهل كثيراً للمستوى المتطور للأهلي الذي لم يذهل الجهاز الفني لهورسيد الصومالي، بل أذهل كل المتابعين.
بعدها عاد الكابتن علي محسن المريسي الى الوطن، وتولى تدريب أول منتخب وطني في الشمال، وقام بضمي للمنتخب.

كرت أصفر وحيد
• هل صحيح أنك تلقيت فقط كرتاً أصفر خلال مسيرتك في الملاعب؟
نعم، وكانت بطريقة الغلط.. في لقائنا مع المجد ناديت زميلي أحمد عبده يا غنمة، فأشهر الحكم المصري بوجهي الكرت الأصفر، ظناً منه أني أسخر منه وأشتمه، وجاء جمال حمدي كابتن فريق المجد، وأخبر الحكم أن زميلي الذي ناديته اسمه أحمد الغنمة, لكن بعد فوات الأوان.

مشاركات خارج الوطن
• في زمن النجوم ما هي المباراة التي شدتك كثيراً؟
كثير من المباريات.. شاركت مع أهلي تعز في رحلته الأفريقية في جيبوتي والصومال، وفي البطولة العربية في السعودية، ولعبنا في الإمارات.. كما شاركت مع عدة أندية في لقاءات أندية الشمال والجنوب بمناسبة أعياد ثورتي أكتوبر وسبتمبر.
وفي منتصف السبعينيات خضنا مواجهة بألوان منتخب تعز أمام منتخب إحدى مقاطعات جمهورية الصين الشعبية، وانتهت تلك المواجهة الودية بفوز الفريق الزائر 3/1، أحرز هدف منتخب تعز اللاعب علي بن ناجي الرويشان من ركلة جزاء بطريقة جميلة، وهي أفضل نتيجة حققتها الكرة اليمنية آنذاك في شمال الوطن وجنوبه أمام ذلك الفريق الضيف الذي حقق نتائج إيجابية وكبيرة أمام منتخبات كل من صنعاء- إب- الحديدة، ومن ثم انتقل إلى جنوب الوطن ليلعب أكثر من مباراة ويواصل إحرازه للنتائج الإيجابية.

رفضت اللعب في الدوري الأردني
•  هل تلقيت أي عروض احترافية في الخارج؟
تلقيت الكثير من العروض.. وذهبت إلى المملكة الأردنية عام 1977 للعب مع الكهرباء لمدة 6 أشهر، كما عرض علي النادي الفيصلي الأردني الاحتراف بصفوفه، لكني عدت سريعاً الى الوطن، وتحديداً في 21 أكتوبر 1977، أي بعد 10 أيام من اغتيال الزعيم إبراهيم الحمدي, لأنني رأيت أن مستوى الدوري اليمني كان أفضل بكثير من الدوري الأردني.

أهلي تعز الأول في شمال اليمن
• هناك نقطة خلاف حول النادي الأول الذي تأسس في شمال الوطن؟
أهلي تعز هو أول نادٍ رياضي ثقافي تأسس في شمال اليمن، يليه نادي أهلي صنعاء وثم أهلي الحديدة.
وتأسس نادي أهلي تعز ما بين عامي 1949 و1950م، تحت اسم المركز الثقافي، وكان مؤسسه وواضع بذرته الأولى هو إبراهيم رشدي، وتوقف نشاط النادي بعد قيام الثورة اليمنية في سبتمبر 1962م، وعاود نشاطه عام 1964، وإعلان مرحلة تأسيس جديدة في العام 1969م، حيث تمت تسميته بالنادي الأهلي الرياضي الثقافي، وهو الاسم الذي لا يزال يحمله حتى اليوم.

الانسحاب من (آسيا) كان أفضل
• ما رأيك بهزائم المنتخب في ظهوره الأول في نهائيات كأس أمم آسيا؟
مؤسف جداً.. كنت أفضل أن ينسحب الاتحاد اليمني لكرة القدم من النهائيات بعد منع الإمارات دخول وزيرهم للشباب والرياضة الذي تعترف بحكومته، من دخول أراضيها.

هزمنا العراق في دمشق
• ومن مباريات منتخبنا بجيله الحالي في أمم آسيا الجارية.. كيف تعكس الأمر على مباريات جيلكم؟
في البطولة العسكرية في سوريا عام 1967 شاركت مع المنتخب، ولعبنا ضد الأردن وسوريا والعراق والسودان، وهذا المنتخب الأخير كان بطل أفريقيا عسكرياً،خسرنا وقتها من سوريا والأردن والسودان.. وقبل لقائنا الأول مع العراق وصلنا من بيروت إلى دمشق براً، وكنا مرهقين، وهدد منتخب العراق بأنه سينسحب ويفشل البطولة إذا لم يلعب منتخب اليمن.. كما قال مدرب العراق بأنه سيهزم منتخب اليمن بـ15 هدفاً.. وفي ذلك اليوم اجتمع بنا المقدم عبدالله الحمدي قبل اللقاء، وقال لنا بأنه سيكافئ كل لاعب بمبلغ 5 جنيهات استرلينية إذا خسرنا من العراق بهدفين فقط.. دخلنا الملعب، وكان في المنصة حافظ الأسد قائد القوات الجوية السورية، والمقدم عبدالله الحمدي والقائد العسكري للجيش العراقي.. سجلنا الهدف الأول عن طريق علي الورقي، وفتحت بعدها البوابات للجمهور السوري الذي آزرنا بقوة.. ارتبك لاعبو المنتخب العراقي، وتسيدنا المباراة فنياً وحماساً وجمهوراً، ليسجل يحيى العذري الهدف الثاني لليمن.. أتذكر كثيراً كيف كان السوريون يخفضون لنا الأسعار كلما خرجنا للتسوق، والهدايا التي أغرقونا بها، وكيف وقف الرئيس حافظ الأسد احتراماً لنا لحظة دخولنا الى الملعب لمشاهدة لقاء سوريا والسودان الأخير في البطولة، وكذلك هتافات الجمهور السوري الذين كانوا يقولون الكأس لليمن الذي هزم من هزمكم.. لقد منح فوزنا على العراق بهدفين نظيفين اللقب لمنتخب سوريا وبفارق هدف عن العراق.

• كلمة أخيرة؟
أطلب من الرياضيين أن يطوروا من إمكانياتهم، وأن يكونوا أفضل من جيلنا.. كما أتمنى أن ينتهي هذا العدوان على بلدنا، حتى ينزاح هذا الثقل المؤلم عن ظهورنا، ونتجه إلى إعمار وطننا وتنميته، ونعيش بخير وسلام.. وأشكر صحيفتكم الموقرة على هذا اللقاء.