ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

(لوريونت لوجور) الفرنسية
يبدو أن وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين مايك بومبيو وجيم ماتيس قد فشلا في العثور على الحجج القوية للدفاع عن السعودية.
 وكتصعيد هام منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أطلق البرلمانيون الأمريكيون تحذيراً لإدارة ترامب يتضمن قراراً لإيقاف كل أشكال الدعم العسكري للرياض في الحرب الدائرة في اليمن، وقد تجاوز القرار أول عائق في مجلس الشيوخ يوم الأربعاء.
لم يكن بمقدور مايك بومبيو وجيم ماتيس -اللذين كانا قد قاما برحلة إلى الكونغرس في الصباح لإقناعهم بالبقاء إلى جانب السعودية- أن يعثرا على حجج قوية.
وبعد الظهيرة قام 63 عضواً جمهورياً وديموقراطياً في مجلس الشيوخ -مقابل 37- بإعطاء الضوء الأخضر لبدء نقاش حول قرار الحزبين، وهذه الغالبية لا تستطيع استباق التصويت النهائي على النص، والذي قد يحدث الأسبوع القادم، لكنه يعطي فكرة عن بعض أزمات المسؤولين المنتخبين، وقد فشل القرار نفسه في مجلس الشيوخ حيث لم يحصل إلا على 44 صوتاً في شهر مارس.
وفي يوم الأربعاء قال عدد من أعضاء مجلس الشيوخ إنه في هذه المرة يبدو أن أغلبية الأصوات في الهواء حيث يعبر العديد من البرلمانيين عن اشمئزازهم من مقتل الصحفي السعودي وإحباطهم من ردة فعل دونالد ترامب.

ما من (دليل قاطع)
من ناحية أخرى يعد هذا التصويت السلوك الملموس الأول للكونغرس الذي يهدد باتخاذ عدة إجراءات لمعاقبة المملكة السعودية، بينما يبدو رئيس الولايات المتحدة الداعم الأكثر صلابة للأمير النافذ محمد بن سلمان أو ما يدعى بـ(إم بي إس).
وفي مواجهة هذا الضغط المتزايد دافع مايك بومبيو وجيم ماتيس عن التحالف الأمريكي مع الرياض. وقد تشاركا أولاً في جلسة مغلقة مع مجلس الشيوخ بعض المعلومات السرية عن جريمة جمال خاشقجي في بداية أكتوبر في القنصلية السعودية في اسطنبول.
قال مايك بومبيو للصحافة: (أعتقد أني قرأت كل عناصر المعلومات، ولا يوجد أي عنصر مباشر مرتبط بولي العهد وهو يأمر بقتل جمال خاشقجي)، بينما بحسب وسائل إعلامية أمريكية عديدة تعتقد وكالة المخابرات الأمريكية الـ(سي آي إيه) أن محمد بن سلمان هو الذي أمر بتنفيذ تلك الجريمة. وأضاف جيم ماتيس: (ما من دليل قاطع).
أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الجانبين عن أسفهم العميق لعدم مجيء مديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هسبيل شخصياً لتقديم الأدلة. أما عن المرشح الجمهوري ليندسي غراهام فقد هدد -وهو في مقدمة من يتهمون بن سلمان بالترتيب للجريمة- بأنه لن يصوت للنصوص (الرئيسية) القادمة، بما فيها الميزانية، كون وكالة الاستخبارات الخارجية لم تقم بإبلاغ الكونغرس.
بالتالي انتقد مايك بومبيو (توقيت) القرار البرلماني قائلاً إنه يمكن أن (يضر) بجهود السلام التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة التي تأمل اجتماع الحكومة اليمنية المدعومة من قبل تحالف تقوده السعودية مع المتمردين الحوثيين المدعومين من قبل إيران العدو المشترك للرياض وواشنطن، على نفس الطاولة في أوائل ديسمبر.
وبنفس هذا الروح طلبت الولايات المتحدة من مجلس الأمن الدولي رفض مشروع قرار يدعو إلى هدنة في اليمن، حيث خلفت الحرب هناك ما لا يقل عن 10 آلاف قتيل منذ 2015 وتسببت في أزمة إنسانية كبيرة.

(سيصبح ذلك أسوأ بكثير)
أعلن وزير الدولة لأعضاء مجلس الشيوخ: (إن المعاناة في اليمن تحزنني، لكن إن لم تكن الولايات المتحدة قد تدخلت في اليمن فسوف يصبح الوضع أسوأ بكثير). وأضاف بحسب مقتطفات من خطابه للصحافة: (إذا كانت الولايات المتحدة بصدد الانسحاب من الجهود المبذولة في اليمن، لن تتوقف الحرب، وهذا سوف يضر بالأمن القومي الأمريكي بشكل كبير). وبحسب قوله (لم يكن التحالف ينتفع أو يستغل نصائحنا وتدريباتنا له كي يتمكن من قصف أهدافه بشكل أفضل، لهذا السبب يلاقي الكثير من المدنيين حتفهم).
وكشف جيم ماتيس -وفقاً لنص بيانه أمام مجلس الشيوخ- أن (الولايات المتحدة قلما وجدت الحرية في العمل مع شركاء معصومين من الخطأ). وأوضح: (نظراً للموقع الجغرافي للمملكة السعودية والخطر الإيراني تعد المملكة أساساً للحفاظ على الأمن الإقليمي وأمن إسرائيل ومصالحنا في الاستقرار في الشرق الأدنى).
ولم يقتنع أعضاء مجلس الشيوخ بما قاله الوزيران، فقد أكد الجمهوري مايك لي، المشارك في صياغة القرار أن التدخلات الحكومية لم تكن تغير رأيه، (سواء كانت المملكة متورطة في مقتل الصحفي أم لا، نحن نخوض حرباً في اليمن لم نعلنها أبداً ولم يسمح لنا الكونغرس بخوضها). وأكد المشارك الآخر في صياغة القرار بيرني ساندرز: (يجب على مجلس الشيوخ على سبيل الضرورة أن يقول اليوم للسعودية وللعالم إننا لن نستمر في كوننا جزءاً من هذه الكارثة الإنسانية).

الرياض (قطب الاستقرار القوي في الشرق الأوسط)
قال وزير الخارجية الأمريكي عند حديثه عن مقتل خاشقجي: (إن تقليص العلاقات مع السعودية سيكون خطأ بالنسبة لأمن الولايات المتحدة ولن يكون له أي تأثير على سياسة الرياض).
كتب مايك بومبيو في عمود نشرته (وول ستريت جورنال): (أعاد مقتل أحد الرعايا السعوديين جمال خاشقجي في تركيا الانتقادات للكونغرس وفي وسائل الإعلام، بيد أن مراجعة جذرية للعلاقات الأمريكية السعودية ستشكل خطأ فادحاً للأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها)، ومع ذلك فإنه يعد بأنه سيتم التفكير في عدة عقوبات جديدة إذا تم الكشف عن المزيد من الحقائق المتعلقة بمقتل خاشقجي.
ونوه مايك بومبيو في هذا العمود: (تمثل المملكة قطب استقرار قوياً في الشرق الأوسط، حيث تعمل المملكة على حماية الديموقراطية العراقية الهشة وتجتهد لضمان بقاء بغداد مخلصة لمصالح الغرب وليس لمصالح طهران).
ويتساءل وهو يمدح المملكة الوهابية: (هل هي محض صدفة إذا كان هؤلاء الذين يستغلون موت خاشقجي لاستهجان سياسة الرئيس ترامب تجاه السعودية هم أنفسهم الذين دعموا تقارب باراك أوباما مع إيران النظام الذي قتل آلاف البشر في العالم بمن فيهم مئات من الأمريكيين ويتعامل بعنف مع شعبه؟).
ويذكر أيضاً: (تساعد المملكة في إدارة موجة اللاجئين الهاربين من الحرب الأهلية السورية بالتعاون مع البلدان المضيفة وبالتعاون القوي مع مصر، وفي تعزيز العلاقات مع إسرائيل، وقد منحت السعودية ملايين الدولارات للمكافحة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من التنظيمات الإرهابية). وبرأيه أن الإنتاج النفطي السعودي والاستقرار الاقتصادي هما العنصران الرئيسان للازدهار الإقليمي وأمن الطاقة العالمي.
28/11/2018