حاوره: شايف العين/ لا ميديا

في ليلة الـ26 من مارس 2015، كان المكان كعادته يضج بصخب الحياة الصادر من تنفس 3000 موظف يقدمون خدماتهم لـ5000 مسافر، عبر أكثر من 14 شركة طيران، تنافسهم الطائرات الواصلة إليه والمغادرة منه بهدير محركاتها، والصوت الناجم عن احتضان مدرجه لإطاراتها. وفجأة ودون سابق إنذار، يسمع جميع من في المكان دوي انفجارات لم تصادفها آذانهم من قبل، ويشاهدون كومات من اللهب تزحف باتجاه روح مطار صنعاء الدولي، لتنزعها منه، أرسلتها إليه دول تحالف العدوان، لتحويله إلى موات كما هو الحال بكافة أراضي الوطن وأبنائه الواقفين على ترابها.. حيث كان المطار هو أول أهداف طائرات تحالف العدوان في اليوم الأول له، بغية إيقافه عن العمل، كونه الشريان الرئيس لأكثر من 11 محافظة. وبالفعل تأثر أبناء الشعب من إغلاقه للعام الرابع على التوالي، مخلفاً كارثة إنسانية غير مسبوقة.. التقت (لا) بمديره الأستاذ خالد الشايف، الذي تحدث عن حجم الأضرار المادية والدمار الذي لحق به، وتداعياته على الجانب الإنساني، مفصحاً عن أرقام ومعلومات ليست معروفة للكثيرين.

مليارا دولار خسائر إغلاق المطار
 هلا وصفت لنا حجم الأضرار التي لحقت بالمطار نتيجة قصفه وإغلاقه من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي؟
الأضرار الناجمة عن استهداف مطار صنعاء الدولي نوعان؛ مادية وإنسانية، وتنقسم الأولى إلى مباشرة نتيجة القصف، وبلغت خسائرها 90 مليون دولار تكلفة الخراب الذي لحق بالمدارج وتلف الأجهزة الملاحية وأجهزة الاتصالات وشاشات عرض معلومات الرحلات والمرافق التابعة للمطار كمحطة الكهرباء. 
أما الأضرار غير المباشرة فتجاوزت ملياري دولار بفعل إغلاق المطار وتوقفه عن العمل، وبالتالي حرمان خزينة الدولة من هذا المبلغ الضخم. فقد كان يستقبل ويسير المطار قبل العدوان 50 رحلة يومياً على متن طائرات تتبع 14 شركة طيران محلية وعربية ودولية. كما أن المطار كان يضم مجموعة استثمارات كالأسواق الحرة ومكاتب السفريات والسياحة والفنادق وفروع البنوك وشركات الصرافة والتخليص الجمركي، وكلها توقفت منذ اليوم الأول للعدوان نتيجة القصف والإغلاق. 
النوع الثاني من الأضرار والخسائر يتمثل في الجانب الإنساني، فمطار صنعاء يعد الشريان الأساسي للجمهورية اليمنية، حيث يخدم أكثر من 80% من السكان في 11 محافظة، بحكم موقعه الجغرافي القريب منها، وبالتالي تضررت جميع الفئات المستفيدة من عمله، فهو كان يستقبل قبل العدوان 5 آلاف مسافر يومياً، ويسير 3 رحلات علاجية في اليوم، كون الوضع الصحي في الوطن سيئاً بطبيعته.
ومن ضمن الخسائر الإنسانية العدد الكبير للعالقين في الداخل والخارج، ففي الخارج هناك أكثر من 50 ألف عالق، وداخلياً يوجد 200 ألف حالة مرضية تستدعي السفر للخارج، وقد بلغ عدد الحالات المتوفاة التي تم الإبلاغ عنها 30 حالة مرضية مستعصية كانت تستدعي السفر. بالإضافة إلى تضرر أكثر من 800 ألف مواطن من منع وصول 400 صنف من الأدوية عبر مطار صنعاء، كأدوية السكري ومرض القلب ومحاليل الغسيل الكلوي وأمراض السرطان، وغيرها من أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، والتي يلزم نقلها جوياً لتفادي التلف. وهذه الإحصائيات ليست دقيقة، وهي ما تم الإبلاغ عنه، وما خفي كان أعظم.

 مطارا عدن وسيئون تحت الحظر الجوي
 لماذا لا يعود العالقون في الخارج ويسافر العالقون في الداخل عبر المطارات الواقعة تحت سيطرة العدوان ومرتزقته؟
مطارا عدن وسيئون يتبعان الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، والتي بدورها لازالت مسؤولة عنهما من الناحية الفنية والنفقات التشغيلية. وما لا يعلمه الكثير هو أن دول تحالف العدوان تفرض حظراً جوياً على هذين المطارين وكافة المطارات المسيطرة عليها، ودليل ذلك هو عدم استقبالهما سوى رحلة أو رحلتين في اليوم، بينما كانا يستقبلان قبل العدوان من 10 إلى 15 رحلة يومياً. ومن الأدلة أيضاً على الحظر الجوي عدم وجود شركات عربية ودولية تسير رحلات من وإلى المطارين، كانت تقوم بها قبل العدوان.
الأمر الآخر هو المسافة الطويلة من المطارين إلى المحافظات التي كان يسافر سكانها عبر مطار صنعاء، وكذلك المخاطر المتواجدة في الطريق بفعل انعدام الأمن في مناطق سيطرة الغزاة ومرتزقتهم، والعراقيل الكثيرة التي قد يموت الأصحاء بفعلها، فكيف بالمرضى. وهناك 10% ممن حاولوا السفر عبر المطارين فقدوا حياتهم إما قتلاً أو نتيجة الحوادث وتردي وضعهم الصحي وعدم تحملهم مشقة السفر، وتعرض البعض للاعتقال بسبب موقفه الرافض للعدوان.

بدائل لجهاز الإرشاد الملاحي عصية على العدوان 
 ما طبيعة التبادل المعلوماتي الملاحي بينكم وبين الطائرات الأممية وغيرها من التي تهبط في مطار صنعاء؟ وهل يوجد تنسيق بينكم وبين دول تحالف العدوان؟
طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي استهدف المطار بـ180 غارة حتى اليوم، من ضمن ما دمرته الغارات جهاز الإرشاد الملاحي، وكان الهدف من استهدافه تبرير إغلاق المطار بدعوى عدم جاهزيته فنياً على استقبال وتسيير الرحلات. ولكن تم إيجاد بدائل أخرى لإرشاد الطائرات لمطار صنعاء، لا يمكن لطيران العدوان استهدافها.
وبخصوص التواصل مع دول العدوان، فلا يتم دخول طائرة إلى الأجواء اليمنية إلا عبر موافقتها، كونها تسيطر عليها، وهناك تنسيق بين مركز الملاحة في جدة ومركز الملاحة في صنعاء لخدمة الطائرات الإغاثية وفقاً للمعايير الدولية التي توجب حصول الطائرة على تصريح من المركزين لتأمين خطوط الرحلات.

ملتزم بمعايير الأمن والسلامة الدولية
 ما هي المعايير الدولية لأمن وسلامة المطارات؟ وهل يعمل مطارا عدن وسيئون وفقاً لها؟
جميع مطارات الجمهورية اليمنية جاهزة لاستقبال وتسيير الرحلات بدليل وصولها باستمرار سواء إلى مطاري عدن وسيئون أو إلى مطار صنعاء الدولي، ولا توجد شكوى بالقصور ضد الأخير من الرحلات التي استقبلها، بينما توجد على الأولين نتيجة حصول إطلاق نار في محيطهما بفعل انعدام الأمن في المناطق المحتلة، ووجود قصور في تجهيزاتهما بسبب إهمال الاحتلال لهما وتعمده تهميشهما وتدميرهما، والمعايير الدولية لا يتم تحديدها إلا عبر لجان تفتيش تابعة لمنظمة الطيران المدني.

مجرد شائعات
 ما حقيقة هبوط طائرة تقل جرحى من المرتزقة اضطرارياً في مطار صنعاء بفعل خلل فيها أو نفاد الوقود؟
هذه أخبار مواقع إلكترونية، ولم تهبط في المطار أية طائرة من المرتزقة عن طريق الخطأ أو بفعل خلل فيها، ولو حدث ذلك لتعاملنا مع الجرحى بأخلاقيات الحرب، كما يتعامل جيشنا ولجاننا وهم في الجبهات.

3 آلاف موظف متضرر
 كم عدد الكادر الوظيفـي المتضرر من إغلاق مطار صنعاء؟
كان يعمل في المطار موظفون لـ20 جهة سواء لفروع الوزارات والمؤسسات الحكومية أو مكاتب الشركات الخاصة. وعدد المتضررين من إغلاقه 3000 موظف.

العدوان لم يمنح طائرة غريفيتث تصريح المغادرة
ـ حدثنا عن تفاصيل تأخير تحالف العدوان لطائرة المبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيتث؟
هناك أكثر من سبب تأخرت بفعله الطائرة، صرح بها المبعوث حينها، ومن ضمنها أسباب فنية في البداية، كون المطار لا يتوفر فيه وقود الطيران إلا بكمية محدودة بفعل الحصار، وبالتالي تأخر طلب الوقود للطائرة. وكان هناك مدة زمنية محددة لمغادرة طائرة المبعوث انتهت ولم تمنحها دول العدوان تصريح المغادرة مجدداً إلا بعد عدة ساعات، وكان المفروض أنه بمجرد حصول الطائرة على الوقود تمنح تصريح المغادرة.
كما أن دول تحالف العدوان لم تعط تصاريح دخول إلى الاجواء اليمنية لطائرات كانت تقل وفود صحفية وإعلامية دولية والهبوط في مطار صنعاء.

الطائرات الأممية ترفض نقل الحالات الإنسانية
 هل تنقل طائرات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة حالات مرضية للعلاج عند مغادرتها؟
للأسف الشديد الطائرات الأممية بشكل عام لم توافق حتى على نقل طفل أو امرأة تستدعي حالتهم المرضية المستعصية السفر للخارج. وهذا يثبت وجود إمعان شديد في قتل الشعب اليمني عبر سياسة الموت البطيء، بينما لو أن هناك موظفاً تابعاً للأمم المتحدة والمنظمات الدولية أصيب بوعكة صحية بسيطة، يتم إرسال طائرة خاصة لنقله إلى الخارج لتلقي العلاج.

المنظمة الدولية لم تقم بواجبها
 هل هناك التزامات من قبل الأمم المتحدة تجاه مطار صنعاء؟ ما هي؟
الأمم المتحدة لم تقم بواجبها تجاه اليمن بشكل عام، فهناك صمت دولي وتغاضٍ عجيب عما يعانيه الشعب من حرب إبادة وتجويع من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي، صنفت كأكبر مأساة في التاريخ تحدث على مرأى ومسمع من العالم.

(اليمنية) تعمل تحت مظلة العدوان
 ما هي الأضرار التي لحقت بشركة اليمنية للطيران إثر العدوان والحصار؟
(اليمنية) تضررت مثلها مثل بقية الشركات، ولكن ليس بالحجم الكبير، فالطائرات المدنية التابعة لها تم نقلها بداية العدوان إلى جيبوتي، وما تم استهدافه هو طائرة مدنية لشركة (السعيدة) وطائرتا نقل تابعتان للجمهورية اليمنية، وما لحق من أضرار بأسطول الخطوط الجوية اليمنية ناجمة عن الحصار وعدم وصول القطع اللازمة لصيانة الطائرات، حيث تعمل حالياً 3 طائرات، والرابعة بحاجة لتركيب محرك.

 هل قدمت هذه الشركات المتضررة دعاوى قضائية ضد تحالف العدوان؟
لم تقدم حتى الآن أية دعاوى من قبل الشركة اليمنية، وهناك تغاضٍ منها بهذا الخصوص، كي تظل في عملها، وتعمل حالياً تحت مظلة العدوان للمحافظة على ذلك.

تحالف العدوان لم يسمح بوصول طائرة عمانية 
 ما هي تفاصيل عرقلة رحلة الوفد الوطني إلى جنيف لحضور المشاورات هناك؟
لم تصل طائرة عمانية إلى مطار صنعاء، ولا توجد ضمانات لسلامة الوفد وعودته في حال غادر على متن طائرة أممية، خصوصاً وأنه تم إجبار رحلات سابقة لهذه الطائرات على الهبوط للتفتيش في أراضي دول العدوان، وكانت الطائرات العمانية التي أقلت الوفد الوطني إلى المشاورات السابقة، تحمل حالات إنسانية معها للعلاج، وتعود بعدد من العالقين في الخارج. أما الأمم المتحدة فعجزت عن تقديم ضمانات لنقل الوفد على متن طائراتها، وضمان عودته، وهي عاجزة عن حماية طائراتها تماماً من تحالف العدوان.

 كم كان عدد الرحلات العمانية المسيرة إلى مطار صنعاء؟
بحسب الاتفاق، ولا يوجد جدول زمني أو برنامج معين للرحلات، وكانت محددة بالتنسيق بين عمان وتحالف العدوان.

الطائرات الروسية كانت تنقل موظفين ورعايا روسيين 
 ما هي الدول التي وصلت منها طائرات إلى مطار صنعاء خلال فترة العدوان؟ وما طبيعة الرحلات الروسية أثناء تواجد القائم بأعمال سفارتها في صنعاء قبل فشل فتنة ديسمبر؟
الطائرة الروسية كانت تأتي فقط لإيصال وأخذ موظفي السفارة أو نقل رعايا روسيين أو وصول مواد غذائية، ولم تنقل معها أية حالات إنسانية أبداً.

لم يحدث أن أغلقت مطارات في أي بلد سوى اليمن 
 كيف تحدث القرار 2216 عن المطارات؟ وهل نص على إغلاقها؟
القرار 2216 لم ينص على إغلاق المطارات، وإغلاقها يتعارض مع كافة الأعراف والقوانين الدولية، والتي تؤكد ضرورة بقاء المطارات مفتوحة في أي وضع لأي بلد، ولم تغلق في أي بلد سوى بلدنا، بهدف عزلنا عن العالم وقتلنا.

جاهزون تماماً لتشغيل المطار
 كلمة أخيرة توجهها عبر صحيفة (لا)؟
المسألة مسألة وقت، ولن يطول إغلاق مطار صنعاء، ونبشر المواطنين أن المطار جاهز لاستقبال وتسيير الرحلات في حال تم الاتفاق على فتحة وعدول تحالف العدوان عن إغلاقه، والكادر على أهبة الاستعداد لتشغيل المطار بذات القدرة السابقة، وهناك توجيهات من وزير النقل بتوسيع صالات المطار وترتيبها وتنظيمها لتكون أفضل من السابق، خصوصاً وأن الوضع الأمني بات أفضل من ذي قبل.


حاوره: شايف العين/ لا ميديا