بالرغم من المخططات الإجرامية المتكررة التي ينصبها العدو لمحافظة إب لجرها إلى مستنقع الخراب إلا أنها استطاعت 
بحكمة القيادة الوطنية ووعي أبنائها أن تنأى بنفسها عن الانزلاق في مشاريع العدو التمزيقية، حيث وقف أبناؤها 
بكل قوة في وجه الأعداء وكبحوا خطورة المؤامرة بما تقتضيه مصلحة البلد.
واستقبلت المحافظة خلال فترة العدوان أكثر من مليون نازح من مختلف المحافظات الأخرى، لتتحمل بجانب القصف والقتل والحصار 
الذي يفرضه العدوان أعباء النزوح وما يترتب عليه من أزمات داخلية. 
وللحديث أكثر عن أحوال المحافظة الصامدة أجرينا هذا اللقاء مع المحامي طارق المفتي، أحد أبرز الشخصيات السياسية والاجتماعية في المحافظة.

حاضنة للجميع
 مثلت محافظة إب نموذجاً للأمن والاستقرار في ظل العدوان على البلد، كيف تمكنت المحافظة من النأي بنفسها عن مستنقع الخراب؟ ولمن يعود الدور الأول في تحقيق ذلك؟
أولاً: يعود ذلك لتركيبة إب الاجتماعية، فهي محافظة تمثل اليمن بعموميته، فتجد فيها مختلف القبائل والمذاهب والسكان من جميع المحافظات.
أيضا تجد أبناء إب مسالمين يميلون للنظام والقانون بدلاً من الفوضى، وهذا كان له تأثير في تجنيب المحافظة ويلات الحرب.
أيضا كان لقيادة أنصار الله دور كبير في تجنيب إب الحرب، حيث كان من مخططات العدوان تفجير الأوضاع في المحافظة قبل تعز من خلال أدواته المتمثلة بالعناصر الإرهابية.
وكان هناك دور مشترك لمختلف الأحزاب، وعلى رأسهم محافظ المحافظة ورئيس فرع المؤتمر فيها عبدالواحد صلاح، وكذا بعض قيادات حزب الإصلاح مثل رئيس مجلس الشورى للحزب عبده عبدالله.
يضاف إلى ذلك دعم مباشر من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي وجه أكثر من مرة دعمه الكامل لسلامة واستقرار المحافظة.
لذلك لم يستطع العدوان أو الأنظمة السابقة إثارة النزعات الطائفية في المحافظة.

دور في الجبهات
 كيف تقيم الدور الشعبي في المحافظة في مواجهة مخططات العدوان؟ وما مدى حضور أبناء المحافظة في جبهات القتال ضد العدو؟ وما دور القبيلة في ذلك؟ 
للمجتمع دور كبير في مواجهة العدوان وردع مخططاته، خصوصاً القبيلة، التي قامت بدور كبير في دعم وحدة البلاد واستقرار الوطن فقد فعلت قوانين وأعراف القبيلة لمواجهة مشاريع العدوان.
أما بخصوص حضور إب في الجبهات فإن هناك حضوراً كبيراً لأبناء المحافظة في مختلف الجبهات، فيوجد الكثير منهم في جبهات جيزان والساحل الغربي وحيفان في تعز والضالع... وقدمت المحافظة حتى اللحظة قرابة أربعة آلاف شهيد في جبهات الشرف، والدعم مستمر في دعم الجبهات بالعتاد والأموال والرجال.

الأمن في أفضل حالاته
 كيف تقيمون أداء المؤسسات الحكومية الخدمية والأمنية في المحافظة؟
بالنسبة للجانب الأمني فهو في أفضل حالاته، بفضل وجود القيادة المسؤولة التي عملت على إحباط الكثير من الأعمال الإرهابية بحنكة.
كما أن التعامل الراقي بين الأجهزة الحكومية والمواطن كان له أثر كبير في نجاح أدائها، وإن كان هناك بعض التجاوزات فإنه يتم معالجتها، وهي مما يحدث تحت أي ظرف وفي أي دولة في العالم.

رفض مخططات العدوان
 ما مدى التنسيق بين المجالس المحلية والأجهزة الأمنية بالمحافظة في تسيير شؤونها دون عشوائية؟
هناك انسجام كبير بين القيادة السياسية وقيادة المحافظة متمثلة بالمحافظ والمجالس المحلية، فهي تعي جيداً مسؤوليتها في هذا الظرف، حيث كانت تسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر وحل أي إشكالية.
وخلال السنوات الأخيرة حاول العدو تقديم الكثير من الإغراءات لبعض الشخصيات الاجتماعية في المحافظة، ولكنه فشل في ذلك، حيث رفضت هذه الشخصيات الانقياد وراء مخططاته، فهناك وعي وثقافة وطنية كبيرة لدى أفراد المجتمع، ومن يحاول الانجرار خلف العدو يفقد كل شيء ويصبح وحيدا.
وللتذكير هناك الكثير من قيادات حزب الإصلاح في إب وتمارس حياتها بسلام بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، حيث هناك حرية للانتماءات الحزبية في المحافظة، فالوطن يجمعنا، ومن خانه ليس منا ولن نكون معه، كائنا من كان.
 حاول العدو مراراً وتكراراً تفجير الوضع في المحافظة حتى قبل إطلاق عدوانه، على ماذا اعتمد لتمرير مخططاته التدميرية؟
قبل العدوان كان هناك ثقافة تحريض مجتمعي ضد أنصار الله من قبل أدوات العدوان في المحافظة لخلق صراع طائفي. 
 هل يمكن تحديد هذه الأدوات؟ 
بعض القيادات الإصلاحية الموالية للسعودية، وكذا القيادات السلفية... لكن بالرغم من ذلك استطاعت قيادة أنصار الله امتصاص هذه التحريضات من خلال الحوار واللقاءات مع مختلف الشخصياتالاجتماعية وتفنيد كل التشويهات المتعمدة.
ليست مشكلة أن نختلف، ولكن على ماذا نختلف؟! رأيي وحريتي تنتهي عند حرية الآخر.
يذكر أن التحالف أنشأ لجنة خاصة تحت مسمى الحرب الناعمة لإثارة النعرات الطائفية والتحريضات في المحافظة.
 هل كان لكم كوجهاء وأعيان دور في مواجهة الحرب الناعمة وردع هذه التحريضات؟
نعم، بكل تأكيد، حيث كنا نتعامل معها كقضايا فردية ونعمل على حلها. وكان للقيادة السياسية دور كبير في تفعيل المصالحة والتعامل برفق مع المغرر بهم، حيث يتم الإفراج عنهم بعد تثقيفهم وتوعيتهم، وقد خلق ذلك ردة فعل إيجابية في المجتمع.

أهميتها كمحافظة وسطى
 ما هي الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها إب في اللحظة الراهنة؟
الأهمية الاستراتيجية لإب أنها محافظة وسطى، وتعتبر شريان تواصل بين مختلف المحافظات، فهي متصلة بمحافظات الجنوب وتعز والساحل الغربي وذمار. ولذلك كان يسعى العدو لتفجير الوضع في المحافظة بشكل مبكر حتى يتمكن من فصل محافظتي الضالع وتعز عن المركز صنعاء عندما نشر عناصره الإرهابية في منطقتي العدين وجبل رأس، والتي قامت بذبح 21 جنديا، وذلك قبل انطلاق العدوان بعدة أشهر، لكن العدو فشل في تحقيق ذلك، بسبب الوعي والتعاون المجتمعي مع القيادة السياسية بحقيقة المؤامرة.

معاملة جيدة للنازحين
 أصبحت إب حاضنة للنازحين من شتى المحافظات وعلى رأسها تعز، ماذا قدمت المحافظة لهؤلاء النازحين بخصوص إيوائهم وتوفير المستلزمات المعيشية لهم؟ وكيف يتعامل المواطنون معهم، حيث يشتكي بعض النازحين من حدوث بعض المضايقات لهم... ما مدى صحة ذلك؟
لقد تجاوز عدد النازحين إلى المحافظة المليون نازح.
هناك دور بالتأكيد لقيادة المحافظة، من خلال إنشاء المخيمات والتواصل مع المنظمات الإنسانية، إلا أن الدور المجتمعي كان سباقاً لإيواء النازحين، فقد قدموا المبادرات والتبرعات لمعالجة أحوالهم، فالنازح في محافظة إب يعامل كضيف وسط أهله، وإن حصلت بعض التصرفات السيئة من بعض المواطنين لكن الأمر لا يؤخذ بالعموم، فالجميع يسعون لتوفير ما استطاعوا للنازحين، برغم الأحوال المعيشية الصعبة لأبناء المحافظة.

المعاناة واحدة
 في هذه النقطة بالذات، ما حجم المعاناة التي تعيشها المحافظة بفعل العدوان الاقتصادي؟ وهل هي بنفس المستوى مع بقية المحافظات خصوصا وأن هناك نسبة ليست بالقليلة من أبناء المحافظة مغتربون في الخارج؟ 
هناك معاناة يعيشها أبناء المحافظة كغيرهم من أبناء المحافظات الأخرى جراء العدوان والحصار، حتى المغتربون تأثروا كثيراً بالعدوان، حيث عمدت دول التحالف إلى طرد الآلاف منهم والتضييق على آلاف آخرين.
 بالرغم من امتلاك المحافظة للكثير من المقومات الاقتصادية كالسياحة والزراعة، هي تعتبر من أفضل المواقع السياحية عالميا، إلا أنها للأسف لم توظف لخدمة الناس في فترات السلطات السابقة.

تعصب للوطن
 تعرض أبناء المحافظات الوسطى إلى جور وتهميش وانتهاكات جسيمة من قبل سلطات الوصاية خلال العقود الأخيرة... هل أثر ذلك في اصطفافهم اليوم مع القوى الوطنية ضد المشاريع العدوانية برأيك؟
نعم، حيث كان النظام السابق يستخدم القوة والنفوذ لفرض سيطرته على هذه المناطق، ومنذ بداية العدوان جرى تواصل بين القيادة الوطنية والكثير من الشخصيات الاجتماعية في المحافظة والتي تأهبت للدفاع عن الوطن.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعصب العقائدي لا يوجد في محافظة إب، فهم يتعصبون للوطن، سوى بعض الأصوات النشاز التي جندها النظام السابق، ولكن الوعي المجتمعي حد من نشاطها بمقدار 99 %.

21 أيلول ثورة تصحيح حقيقية
 نحن على أعتاب الذكرى الرابعة لثورة 21 أيلول... ماذا تقول بهذه المناسبة العظيمة؟
إنها مناسبة عظيمة بالفعل، وهي الثورة الحقيقية الفعلية للتصحيح منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كانت اليمن تحت الوصاية الغربية، وإذا أردنا أن نوصفها فقد بدأت شرارتها في 17 يناير 2002 في صعدة عندما أطلق القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي شعار الصرخة ضد قوى الطغاة والمستكبرين في وقت لم يكن يجرؤ أحد أن يقول شيئا.
 هل تريد أن توجه رسالة إلى المجلس السياسي الأعلى والوفد الوطني المشارك في جنيف3؟
رسالتنا للوفد الوطني أن تكون مصلحة الوطن نصب أعينهم، وألا يعتمدوا أو يعولوا على الأمم المتحدة.
 هل هناك جوانب قصور من قبل حكومة الإنقاذ في معالجة بعض الإشكاليات في المحافظة؟ وهي قادرة بالفعل على حلها؟
صحيح هناك اختلالات، ولكن الظروف التي يعيشها البلد ليست عادية، خاصة وأننا في ظل مؤامرة اقتصادية كبيرة للعدو لم تمارس على أي بلد في العالم كما هي على اليمن.
يجب علينا كمواطنين أن نكون عيون الحكومة لمساعدتها في معالجة هذه الإشكاليات.

 كلمة أخيرة تريد قولها...؟
أولا نشكر أبناء وقيادات وشخصيات المحافظة على تعاونهم في سبيل إقرار الأمن والاستقرار في المحافظة، ونأمل منهم الاستمرار في ذلك والحفاظ على ما أنجز خلال هذه الفترة.
وأشكر الصحيفة كمنبر إعلامي حر حيث كان لها دور كبير منذ انطلاقتها بعيدة عن الانتماءات الضيقة باعتبارها على قمة هرم الإعلام الوطني الحر.