شايف العين / لا ميديا

عندما يبدأ العد التنازلي لتناوب الخيط الأسود والخيط الأبيض لغروب الشمس وشروقها في صنعاء كل يوم خلال رمضان، فاعلم أنه وقت ظهور تصرفات غوغائية ستحول شهر الصوم عند مرتكبيها من شهر التوبة والغفران إلى شهر التحسر والأحزان، بفعل الإصابات التي تلحق بهم أو يلحقونها بآخرين تؤدي في أحيان كثيرة إلى الوفاة، نتيجة عدم تمالكهم أنفسهم الذي جعلوا من جوعهم وعطشهم شماعة له.. ففي رمضان تزداد حالات الإصابة نتيجة المشاجرات وحوادث السير التي تتسيد وقت ما قبل موعدي الإفطار والسحور، بحسب المعلومات التي حصلت عليها (لا) من مستشفيات وأقسام شرطة ورجال مرور في العاصمة صنعاء، أثناء إعدادها هذا التقرير لقرائها الكرام.

شجارات بالخناجر والعصي 
يلحظ الجميع ارتفاع عدد الحوادث المرورية في شهر رمضان، خصوصاً قبل موعدي الإفطار والسحور، وكذلك ظهوراً غير اعتيادي للمشاجرات التي تخلف جرحى وأحياناً وفيات كلما اقترب موعد أذان المغرب.
فظاهرة الانفعال تسيطر على كثير من المواطنين خلال الشهر الكريم، وتجعلهم سريعي الغضب يتشاجرون لأسباب يصفها البعض بالتافهة. المساعد يحيى إبراهيم حنين مسؤول إحدى دوريات شرطة النجدة بشارع حدة، تحدث للصحيفة عن أنه لم يحدث في منطقته أي شجار بين المواطنين أدى للاقتتال في ما بينهم منذ أشهر قبل رمضان.
ويضيف حنين: (وفي أول أيام الشهر الكريم شهدنا في جولة الرويشان عدة مضرابات بين مواطنين أسبابها تافهة كازدحام في الخط ونقود لا تتجاوز 100 ريال، ومن شدة التحامهم فيها واستخدامهم للجنابي والعصي لم نستطع تفرقتهم إلا بالرصاص الحي، وهذه الحالة نشهدها طيلة الأيام التي قضيناها من شهر رمضان، ولا تحدث إلا قبل المغرب).
حتى المواطنون يستغربون من ازدياد المشاجرات بينهم في رمضان، فالمواطن هاشم علي التويتي، سائق باص في خط شميلة - بيت بوس، يقول: (ألاحظ منذ اليوم الأول في شهر رمضان رغبة كبيرة لدى الناس في اختلاق المشاكل على أبسط الأشياء، وأنا أحد هؤلاء، فلم يمر يوم دون أن أتصايح مع أحد الركاب أو سائقي الباصات الآخرين، وعندما أعود إلى عقلي أجد أنه لم يكن هنالك داعٍ لما حدث).
أما بائع الخضرة نجيب حزام فقد استقبل أول أيام الشهر الكريم بشجار مع أحد المبتاعين منه، حيث يقول: (بعد عصر أول يوم لرمضان أتاني أحد الأشخاص وطلب مني أن أبيعه خضاراً بـ100 ريال، وعندما أعطيته ما طلب ادعى أنه حاسبني، وهو لم يفعل ذلك، فتشاجرنا واشتبكنا بالأيدي حتى أتى الناس وفرعوا بيننا). 
وليتضح الأمر أكثر كان يجب أن تأتي تصريحات رجال الأمن في أقسام شرطة العاصمة، لتأكيد أو نفي حدوث هذه الظاهرة بازدياد حالات الشجار بين الناس خلال شهر رمضان على عكس أشهر السنة.

قضايا الشجار 
تملأ أقسام الشرطة
ازدحمت سجلات أقسام شرطة العاصمة منذ بداية رمضان بمحاضر قضايا المشاجرات التي خلفت ضحايا مصابين ومتوفين. مدير بحث قسم شرطة السياغي عبدالمجيد علي الظبري، أكد للصحيفة أنه لم يمر يوم من أيام شهر رمضان إلا وزاحمت فيه المشاجرات قضايا القسم بمعدل 4 إلى 5 قضايا يومياً.
ويقول الظبري: (هذه النسبة تخص قضايا الشجار التي خلفت إصابات جسيمة بأعيرة نارية وخناجر وجنابي، أما التي وقعت وأصلحنا بين طرفيها كونها لم تخلف إصابات خطيرة فبالعشرات يومياً، وقبل شهر رمضان كانت هذه الحوادث في سجلات قسمنا بمعدل قضية يومياً).
إن هذه النسبة خاصة بحي واحد من أحياء العاصمة صنعاء، وهو حي الأصبحي الذي يعد من أقل الأحياء سكاناً، فكيف بالأحياء التي تشهد ازدحاماً سكانياً كبيراً، والتي يقول الظبري إن الحالات المسجلة في أقسام الشرطة هناك أكثر من المسجلة في قسمهم بكثير.

حوادث مرورية قاتلة 
ليست فقط المشاجرات التي ازدادت في شهر رمضان، فحوادث السير تقاسمها السيطرة، وتتغلب الدراجات النارية على السيارات في سباق الموت. محمد ناجي النجار، رجل مرور، يؤكد لـ(لا) أن الحوادث تزداد بشكل كبير في شهر رمضان، وغالباً ما تحدث قبل أذاني المغرب والفجر، كون السائقين يستعجلون للإفطار والسحور.
وبحسب ما أفاد به محمد ناجي، فإن الدراجات النارية تنال النصيب الأكبر من الحوادث التي تخلف إصابات جسيمة أدت في أوقات كثيرة إلى الوفاة، وهناك أسباب طبية لها علاقة بالتغير الذي يحدث في طبيعة الناس، ويجعلهم سريعي الانفعال.

طوارئ المستشفيات تزدحم بالحالات وقت الفطور والسحور
إذا أراد الشخص أن يتأكد من ارتفاع نسبة الإصابات بحوادث السير والمشاجرات، فما عليه سوى التوجه إلى أقرب مستشفى إليه، وسيؤكد له أطباء الطوارئ ذلك.
قبل أن تصل صحيفة (لا) طوارئ أحد مستشفيات العاصمة، استقبل المشفى الذي كان وجهتها حالات إصابة تمثلت في كسور في العظم وطعنات نتجت عن مشاجرات وحوادث سير.
طبيب طوارئ مستشفيي النخبة والثورة بالعاصمة صنعاء الدكتور فيصل الصبري، أكد للصحيفة أن الحالات التي تستقبلها طوارئ كلا المستشفيين منذ بداية رمضان قبل المغرب وقبل الفجر، خاصة بحوادث دراجات نارية وشجارات استخدم فيها الرصاص الحي والآلات الحادة. مفصحاً عن أن العدد التقريبي لهذه الحالات في مستشفى الثورة 35 حالة خلال 5 أيام داوم فيها، بمعدل 7 حالات يومياً.
ويعزو الدكتور فيصل سبب ازدياد هذه الحالات في شهر رمضان وقت المغرب، إلى الانفعال السريع للشخص والناجم عن نقص نسبة السكر في الدم بسبب الصوم، ولكن ظهورها في وقت الفجر لا يوجد له أسباب طبية إطلاقاً، والسبب هو خلل في الثقافة العامة لدى الناس، والتي من الغريب تفشيها في هذا الشهر الكريم.