على ضوء صواعق ولهب الحنين تدلف الكاتبة قبو الحقبة المنسية وتهبط سلالمه المجدولة بغزل العناكب وصولاً إلى لحظة سحيقة من العام 1922م، لتبدأ رحلتها من أريكة أمها المحتضرة، مبحرة في خضم مآتم وأعراس ودموع وزغاريد ودماء وقصص حب ومؤامرات ومسامرات عائلية حميمة ودواوين شعر ودواوين حكم وأصوات مزاهر وفحيح أفاعٍ وأبهاء ملكية وسجون وولادات وإعدامات وانقلابات ومكائد حريم ونزوح وجوازات سفر و... منفى!
إنها كتابة اجتماعية (نوستولوجية) تحت سماء حمراء محتدمة بالصراع وحافلة بالأحداث، لا تخلو من زخات فرح تعشب قرنفلات حزن على امتداد رحلة شاسعة الوحشة، تطيح خلالها تقية بنت الإمام يحيى حميد الدين، بالصور المثالية الراسخة في أذهان كثيرين عن (الثورات الثلاث 48، 55، 1962م)، الواحدة تلو الأخرى، دون أن تتعمد الإطاحة بها، ودون تخطيط مسبق..

(الحلقة الثالثة والعشرون)

كتاب مغاير مخيف لا يقرأه أصحاب الضمائر الضعيفة وعديمو النخوة.. نضعه بين يدي القارئ على حلقات، إيماناً منا بأن فتح الجروح القديمة وتنظيفها أسلم لعافية أجيالنا من مواربتها وتركها تتخثر.
في الصباح، حضر موظف من دائرة البرق، وانتحى بخالي جانباً، وأبلغه بوصول برقية إليه مرسلة من صنعاء، وذهب خالي إلى دائرة البرق يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، وما هي إلا ساعة زمنية، وعاد إلينا، ووجهه مصفرّ، مرتبكاً، كان مشوش التفكير، تظهر منه حركات عصبية.
قال: هيا نعود إلى صنعاء.
حدثتني نفسي بالتمنع، وعدم العودة إلى صنعاء، ولكن اكفهرار وجهه، وعصبية حركاته، أكدت لي أن خالي يكتم شيئاً عظيماً، وكاد قلبي ينفطر للحالة التي وصل إليها هذا الخال العظيم، مثال التضحية والشهامة.
قلت: يالله بنا، أما بناتي فأمطرنني بسيل من الأسئلة: يمَّاه هل سنعود إلى المعتقل أم إلى بيت خالكم؟ واحترت بم أجيب، فلا جواب عندي.
حين سافرنا من صنعاء خصصت سيارة لخالي وأنا واثنتين من بناتي، والسيارة الثانية ركبها ابن خالي محمد وابنتي الكبيرة وأختها والمساعدة، وعندما خرجنا من فندق الإخوة أسرعت إلى السيارة التي فيها ابن خالي محمد كي أعرف حقيقة ما جرى، مادام خالي ظل كاتماً لما يحدث، ومن حسن الأدب ألا ألح في سؤاله.
وانطلقنا عائدين إلى صنعاء، وبعد دقائق سألت ابن خالي محمد: ماذا حدث؟ لماذا نعود إلى صنعاء؟
قال: وصلت برقية من أخي أحمد، ففي الليلة الماضية خُطف أخي عبد الرحمن غمضان، ولا نعلم مصيره حتى الآن، ويبدو أن ما جرى هو بسبب السفر، والمسافرين معكم.
وفي أثناء السير توقفنا، وقلت لخالي: لن ندخل صنعاء نحن وأنتم، بل يواصل محمد السفر إلى صنعاء، ونحن جميعاً ننزل في بيت القاضي عبد الوهاب الزبيري الذي رفضنا تلبية دعوته بالأمس، فحبذ خالي الفكرة.
وفعلاً نزلنا في يريم في منزل القاضي عبد الوهاب، وواصل ابن خالي محمد سفره إلى صنعاء. وفي منزل القاضي عبد الوهاب الزبيري, تسامع الناس بضيافتنا لمنزله، فجاؤوا للسلام علينا من كل حدب وصوب، وغص المكان بالمرحبين، أناس يندر وجودهم في زمن تمرد فيه اللئام، لقد بالغوا في إكرامنا وضيافتنا، وفي خضم هذا الترحيب والتكريم، غطتني حالة غريبة من الحزن. رحمة الله واسعة، وأكملنا يومنا في منزل القاضي عبد الوهاب الزبيري، وبعد صلاة العشاء ناداني خالي، يبشرني، وذهبت معه إلى الصالون، لأجد خالي أحمد الذي بعث البرقية، ومحمد ابن خالي عبد الرحمن الذي اختطف، واستبشرنا والحمد لله.

حادثة الاختطاف 
ابن خالي عبد الرحمن كان تاجراً نشطاً، وله منافسوه من التجار يحسدونه، فاختلقوا وشاية أوصلوها إلى عبد الله السلال، ثم ذهبوا إلى السلال وهم في 17 سيارة.
قالوا للسلال: نريد ابن غمضان.
فقال لهم السلال: لا أعلم شيئاً مما حصل.
وبعد التحريات والبحث تبين كذب ما افتروه، ولم يصل محمد ابن خالي إلى صنعاء، إلا وكان عبد الرحمن قد عاد بالسلامة من أيدي الخاطفين، فبادروا جميعاً بالوصول إلينا، وحمدنا الله كثيراً.
ولما كان موعد إقلاع الطائرة الإثيوبية في نفس اليوم، وقد أقلعت، فتوجب علينا العودة إلى صنعاء، ولمدة يومين، ثم سافرنا على متن طائرة يمنية إلى أسمرا، وكان الأخ عبد الله غمضان قد سبقنا إلى أسمرا لأجل تهيئة سكن لإقامتنا، ووصلنا إلى أسمرا، وأدخلونا صالة كبار المسافرين، قال خالي: اقرأوا سورة (ياسين) وارتاحوا.
وقدَّموا لنا عصيراً، وأكملنا قراءة السورة، ومضت ساعة ونصف ونحن في الصالة، لا ندري ما يجري، وخالي لا يقول شيئاً، وهذه سِمَته، دائماً يكتم المزعجات من الأخبار في صدره، يتحاشى رحمه الله أن يزعجنا أو يثير القلق في نفوسنا، ويحافظ على مشاعرنا هادئة، وطال الانتظار، وسألت خالي بإلحاح: لماذا كل هذا التأخير؟ ماذا يجري؟
وكان جوابه: خرجتم من اليمن بدون جوازات سفر، فقد رفضوا بشكل قاطع إصدار الجوازات لكم، والسلطات الإثيوبية تريد الجوازات لتسهيل الخروج، ولكن لا تقلقي، فقد رتبت الأمور، وأجريت الاتصالات اللازمة، وكانت لي مكالمة تليفونية مع ولدي عبد الله، والجوازات ستصل قريباً.
وما هي إلا هنيهة إلا ورأينا الأخ عبد الله وعلي باناجه يلوحان لنا بالجوازات من وراء السياج، فقد بعث أولاد إخوتي بالجوازات من السعودية إلى أسمرا، وأوصل الجوازات عامل حريب، أحمد بن محمد الكبسي، رحمه الله، وغادرنا صالة المطار، واستقبلنا عدد من الأهل والأصدقاء، وحينها تنفست الصعداء، وشعرت بارتخاء أعصابي، وهدأت أنفاسي.
أمضينا في أسمرة أسبوعاً، ونمت أول ليلة نوماً عميقاً، فمنذ أكثر من ثلاث سنوات وبضعة شهور ما تنسمت عطر الحرية، وتخلصت من القيود والمظالم إلا في تلك الليلة، ومنها كان سفرنا إلى جدة، حيث لقيت زوجي رحمه الله، ثم إلى الطائف، لأطمئن على ابنتي رجاء، وفي الطائف كانت عائلة زوجي وابنتي وحفيدي خالد وولدنا محمد. وأخيراً التم شمل عائلتنا الصغيرة.
لعلِّي في هذا المقام أوجه شكري وتقديري وعظيم ثنائي إلى ملك المملكة العربية السعودية، والأمراء والشعب السعودي لما أحاطونا به من كرم ورعاية ومساندة، وستظل أعناقنا مطوقة بجميل ما قدموه لنا أبد الدهر، ولا غرابة، فنحن وهم توأمان عبر الزمن.
أقمت في الطائف أياماً، وسافرت إلى لندن للعلاج برفقة أعزاء على نفسي وقلبي، والأولاد يدرسون في معاهد بيروت، وابنتي الكبيرة نزلت من عندنا إلى جدة مع ولدها خالد للإقامة عند أعمامها، وفي نفس العام تزوجَت بالشاب التقي علي الشامي، وعدت من لندن بعد الشفاء، لأنشغل بشؤون الأولاد والأسرة.
فقد جاء من يقول لزوجي، إن الدراسة في معاهد بيروت لا خير فيها، فكل برامجهم على الأغلب تهتم بالتاريخ الفينيقي، فأرسلنا في طلب الأولاد ليدرسوا في الطائف، وكانت مدارس الطائف حتى ذلك الوقت كغيرها من مدارس المنطقة، لا تعتني بتدريس اللغات الأجنبية، وداوم الأولاد على الدراسة في مدارس الطائف، أما البنات فيدرسن في البيت.
ذات يوم جاءني ابني عبد الله وخاطبني: (أكاد أنسى ما تعلمته من اللغة الإنجليزية وأتمنى أن أعود إلى لبنان)، خامرني إحساس مرير، فنحن المسؤولون عن عدم إتاحة الفرصة لأبنائنا للدراسة في أفضل المعاهد، وصممنا على السفر إلى لبنان، حتى يكون أولادنا تحت إشرافنا المباشر، وبالفعل التحقوا في مدارس المقاصد الإسلامية.
ثم كان زفاف ابنتي أمة المغيث (مغيثة) في منزل الولد الحسن بن الحسن، وسافرت مع زوجها أحمد بن الحسن إلى أميركا.
كنا في بيروت حوالي أربعين عائلة، وعشنا في بيروت حياة ممتعة، لقينا فيها المعاملة اللطيفة، حتى في الدوائر الرسمية كانوا يسرعون في كل ما نطلب، وكان لنا الأسبقية، ونفس المعاملة الرائعة لقيناها عند الأطباء، وكافة الخدمات كانت سهلة ميسرة.
ما كان يدعو لسعادتنا في لبنان تلك الصورة الحسنة التي رسمها كل من أقام من آل حميد الدين في لبنان عند الإخوة اللبنانيين. فالأولاد في المدارس عُرفوا بالجد والاجتهاد، وفوق هذا وذاك الدين والأخلاق، ومعاملة رجالنا كانت صادقة وكريمة وبشوشة مع كافة جيراننا، نصون حرمة الجار، ونَهُبُّ لمساعدته، ولا يسمعون منا إلا ما حسن من الكلام ولطيفه، كنا حريصين على ترسيخ صفة الصلاح والتقوى.
والعلم إن لم تكتنفه شمائل تعليه كان مطيّة الإخفاق
كلنا قد أخذنا الصلاح والتقوى منهجاً وطريقاً في الحياة، فلم تبدر شائنة ولا عيب من أي واحد منا، ترسخت لدى جميعنا مفاهيم الحياة الدينية والعقلية، كأن الأحداث صقلت الجميع، فما كانوا يحفلون بالتلفاز والأغاني، ولا المتعة وأمثالها.
ولما كان أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض، وهم أمانة في أعناقنا، وواجبنا أن نربيهم التربية الجادة المثالية، فقد حرصنا على ذلك في اغترابنا، والاغتراب في طلب العلم له فوائده، ينمي الشخصية ويصقل النفس، ويهذب الطبائع، ويوجد الإبداع، إن كان هو المقصد دون غيره.
***
وطارت العصافير من أعشاشها، وبدأ الافتراق المحبوب، وثارت الأشواق من جديد، ولكنها سنة الله في خلقه.
في بيروت احتفلنا بزواج ابنتي نبيلة على الابن الحسين بن المرحوم يحيى بن الحسين.
وكما قلت لكم، فإن أفراحي لا تدوم، فقد اندلعت أحداث الحرب الأهلية في بيروت، حماها الله، سنة 1975م، وعدت أسمع طلقات المدافع والقذائف الصاروخية والبنادق الآلية، ونحذر ونحتاط، ننزل في الطوابق السفلية تارة، وعلى النوافذ تارة أخرى، ونتدبر طعامنا وشرابنا وحاجاتنا، فأرسلت ولدي عبد الله عند والده وأخيه حسين إلى لندن، وولدي إبراهيم إلى أميركا طرف أخته لمواصلة دراسته، أما أنا فارتحلت إلى المملكة العربية السعودية.
تفرق الجمع ولكن برضانا محفوفين بعين الله ورعايته.
أمضيت في المملكة العربية السعودية عاماً، سافرت بعدها ومن تبقى من بناتي إلى برملي خارج لندن، وعشنا مع زوجي، وشعرت بطعم السعادة، ولكن هيهات، ففي أثناء إقامتي في لندن نُعِي إليّ خالي الفاضل الجواد الكريم إسماعيل غمضان، رحمه الله، وهات يا حزن، بكيته بكاء لا أستطيع وصفه، مر شريط ذكرياتي متوجعاً على هذا الخال الذي لن يجود الزمان بمثله عليّ، مواقفه، خدماته، محاولاته للتخفيف عنا، شهامته. وبكيته. وقد شاركني أحزاني على خالي الكثير من أبناء أسرتي، أخي عبد الرحمن، حفظه الله، وابن أخي البدر الإمام، رحمه الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
وطال مكثنا في لندن؛ فقد تحسنت صحة زوجي، وبناتي يدرسن، وكان ولدنا عبد الله يواصل تخصصه في جامعة البترول والمعادن في الظهران، وهي واحدة من أرقى جامعات المملكة العربية السعودية، ثم سافر ولدي عبد الله إلى اليمن وخطب ابنة أحد الأقارب، واحتفل به عمه والد العروسة السيد أحمد الخزان وبنو عمومته، وها نحن دخلنا سنة 1401هـ/ 1980م.

من ذكرياتي في لندن 
وصل إلى لندن زائراً العالم الأديب علي الفضيل، ويوم وصوله نزل ثلج كثيف، غطى المنازل والأشجار، وكان منظراً رائعاً، فاللون الأبيض حط بجلاله على كل شيء أمامه، وبدت كعروس ببدلتها البيضاء ليلة زفافها، وحبات الثلج تتراقص فوق أغصان الشجر، فأوحت العبقرية الشعرية لهذا الأديب من آل شرف الدين بهذه الأبيات، قالها وهو يشرب قهوة الصباح، فارتجل:
ما (لكنت) القصور ما للحديقه *** ما كساها بيض الثياب الرقيقه
ما لها أشرقت بدون شموس *** مثل إشراقة المنى بالحقيقه
ما لأشجارها الكبار تحلت *** من جمان وباللآلئ وريقه
آه يا (كنت) كم أسرت حبيباً *** كم طويت من الشجون السحيقه
أنت ذا اليوم درة غير أني *** سوف أطويك في البحار العميقه
في فؤادي لكي أخلد فيه *** ذكريات اللقا دقيقة دقيقه
إنها فرصة الحياة وحسبي *** أنني قد كتبت أغلى وثيقه
فلما عرضها عليّ زوجي تمنيت أن أعارضها، وقد قيل: مع كثرة الأدباء في اليمن فما كل مصقول الحديد يماني، وما معارضتي إلا محاولة وتمنياً، فقلت:
إنما (كنت) للغريب ملاذاً *** من صروف كما علمتم سحيقه
ثم ما بالكم بنا هل تظنون *** أن فينا من لم يغص بريقه
يرقص الثلج في الغصون فلا ند *** رك إلا ما ينمحي من بريقه
وإذا أشرق الفؤاد بلحن *** من شدو الحمام أو تصفيقه
حجبتنا عن الوجود غيوم *** حيث لا يعرف الصديق صديقه
غير أنا من الدواهي أمضى *** من هصور في القفر ضل طريقه
ما لقلبي وللأماني وقلبي *** دمية الدهر والسهاد رفيقه
والليالي من المآسي حبالى *** والدواهي بكل وادٍ محيقه
ما الثريا وما الشواطي وماذا *** سوث آند ما أكسفورد العريقه
فأنا اليوم في سجون شجوني *** وشجوني في قعر بئر عميقه
ما لصوتي صدى ولا لشكائي *** راحم إن شكوت نار عقوقه
أين مني عزيزتي وهي بنتي *** وهي في كل حالة لي شقيقه
وهي اليوم في الحجاز ونفسي *** لتلظي النوى بأعلى شهيقه
ونأى في نيوجرسي حبيب *** بأميركا وأين مني عبيقه
وبظهران شمس قلبي توارت *** وهي عندي أغلى الكنوز العتيقه
أنا لولا وداد خير مثال *** ورجائي من للرشاد خليقه
واعتصامي بخالقي ثم ابني *** عبده والخليل نهج الطريقه
وبأفلاذ مهجتي كل نجم *** وثريا على فؤادي شفيقه
من حفيد وسبط الكل عندي *** كحياتي كروحها في الحقيقه
هذا ما لا أسميه شعراً، ولكنها حكايات، وكل يأتيك بقدر فهمه.
إنما هو حنين إلى الوطن وشوق إلى ترابه، فالنفس إلى مولدها مشتاقة، وإلى مسقط رأسها تواقة، وفطرتي معجونة بحب الوطن، أتروح بنسيم أرضي، قالوا: أكرم الإبل أشدها حنيناً إلى أوطانها.
وصدق الله العظيم: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم) [النساء: 61].

خاتمة المطاف
سافرنا إلى أميركا لزيارة أخي المولى الحسن، رحمه الله، وكنت أنا وزوجي وابنتانا، وكان زفاف ابنتي رجاء على الولد علي زبارة في أميركا عام 1973م، ثم سافرنا إلى المملكة العربية السعودية، واحتفلنا بزفاف ابني إبراهيم على ابنة المرحوم السيد حسين الكبسي عام 1984م، ثم كان زواج أحفادي عبد الوهاب وخالد بصنعاء عام 1984م، وزفاف ابنتي وداد على الولد عبد الملك حميد الدين بجدة عام 1985م.
هذه حكايتي، وتلك قبسات من ذاكرتي، فتقية بنت الإمام يحيى حميد الدين تكتب عما لاقته وعانته، وما تركته الأحداث من الآلام، وحتى لا نكون جاحدين، فقد أغدق ربي نعماه علينا وعوضنا عما أصابنا، لقد وهبنا الله فوق أمانينا، وقد تناسيت ما كان؛ فلا أحمل حقداً على أحد، ولا أدفن ضغينة في قلبي، فسامح الله الجميع.
لقد امتصت الذاكرة كل أحزاننا، فلا رواسب ولا آثار.
وفي الختام أدعو الله من كل قلبي أن يصلح أمور جميع المسلمين، وأن يتولانا بالحسنى، ويزيننا بالتقوى، أسأل الله الأمن والسلام والاستقرار لكل بلاد المسلمين، وأن يحفظ الله البلد الأمين، ويحمي كعبته المشرفة، وملكه وأمراءه وعلماءه وشعبه الوفي، ودعائي أن يحفظ الله وطني اليمن، ويظل سعيداً بعلمائه وفقهائه وشيوخه.
اللهم لا حقد ولا ضغينة.
اللهم اغفر لي ولكم، وللعموم من أسلاف وأخلاف.
اللهم قدرنا على شكر النعم.
اللهم اجمعنا بأسلافنا الشهداء، وبرجالنا الذين قضوا في سبيل الله.
وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.