كدت أن أصبح مخبراً!
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

أولا وقبل كل شيء أنا شخصيا لم ولن ولا أعد الفيسبوك مهما بالنسبة لي في أي حال من الأحوال كموقع تواصل اجتماعي وموقع تكوين صداقات وجمهور وإعجابات، لقد كانت نصائح صديق صدوق لي لانتشالي من عبث مواقع التواصل الاجتماعي وذهابي إلى الجبهات، جعلني أنخرط في الكتابة عن (وعي المقاتل اليمني وقيم الشعب اليمني ومشروع القائد اليمني)، وهذا كان كافيا أن أحتمي تحت هذا السقف الكبير، الذي ألزمني بعدم التراجع أو الإدمان عليها، حتى وصلت لقناعة تامة في ابتكار أسلوبي الخاص واستخدام هذه المواقع بطريقة وأسلوب يقوم بكسر كل أهداف هذه المواقع الخطيرة والخبيثة وتحويلها لهدف تحقيق نشر الوعي والقيم والمشروع، ورصد وتعقب اهداف الحرب الناعمة..
في البداية كانت فكرة دخولي هذا العالم الافتراضي من واقع مهنتي كرئيس تحرير لصحيفة (يمن أوبزيرفر) الصادرة باللغة الإنجليزية عام 2008م بعد إغلاق صحيفة الأيام، ولأنها صحيفة إنجليزية وكانت الأكثر انتشارا حينها في اليمن، فكانت فكرتي لدخول الفيسبوك من أجل تطوير عمل الصحيفة فقط لا غير، وخصصت صفحة حينها لنقل آراء الممثلين الدبلوماسيين لليمن المنشورة في وسائل التواصل، حينها كنت ألحظ كل يوم توسع الهوة الثقافية في هذه المواقع، وعرفت منذ وقت مبكر مخاطرها وأهدافها الخبيثة، فتحاشيتها وألغيت فكرة نقل آراء السياسيين والدبلوماسيين في الصحيفة، ووضعت بدلا عنها صفحة لأخبار المحافظات اليمنية وحاجاتها للخدمات.
وعندما اتخذت قرار إيقاف نقل أخبار وتغريدات وآراء مواقع التواصل الاجتماعي في الصحيفة، لأنها لم تكن تحمل وقتها من أخبار سوى الأخبار والآراء والتوجهات التي على شكل توجيهات للدولة ولقيادات الدولة من ممثلي وموظفي السفارات في اليمن وخاصة السفارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية حينها، تفاجأت بعدها بقيام مالك الصحيفة حينها وشريكه، بالاعتذار لي وخرجت من الصحيفة، وكنت بعدها بدون عمل أو حتى مصدر دخل، وبعد أن أغلقت الأبواب بوجهي وفي نهاية 2009 تفاجأت بتواصل مركز أبحاث ورصد تابع لشركة الفيسبوك نفسها معي، وطلبوا مني أن أقوم بنفس العمل الصحفي الذي كنت أقوم به في الصحيفة، ولكنه لن ينشر.
مع مرور الأشهر وتحديدا في منتصف 2010، أصبح مركز البحث التابع لشركة فيسبوك، في جمهورية مصر، وكان القائمون عليه مجموعة من المصريين الذين بدؤوا أولاً بإرسال تطبيق خاص بشركة الفيسبوك، مهمة هذا التطبيق الخاص هو القيام بتحديد ما يسمى (الصفحة اليمنية)، مع زيادة في الراتب وصلت إلى 1750 دولاراً، وحصل هذا تحديدا مع بداية ثورة 11 فبراير 2011، وطلب مني القائمون على المركز القيام بفرز كافة القضايا كلا على حدة وإرسالها لإيميل المركز، بعد 3 أيام فقط من ذلك وأثناء مراجعتي لعمل اليومين السابقين اكتشفت أنني أعمل مخبراً.
حينها كان الأستاذ الشهيد عبدالكريم الخيواني رئيسا للمركز الإعلامي لشباب الثورة، فسارعت إليه وأنا مرعوب وحدثته عن هذا الأمر وشرحته له بالتفصيل ونحن في جلسة مقيل، ولم أخرج من عند الشهيد الخيواني (رحمة الله عليه) إلا وقد أرسلت استقالتي للمركز في يومها وليلتها، وتخليت عن كل شيء، وكتبت حينها عن الأمر في صحيفة النداء، مقالة تحت عنوان (لست مخبرا.. أنا صحفي أنقل الخبر). 
ومن يومها كل يوم أبحث عن خطر هذه المواقع وأعريها، وكل يوم تتزايد معرفتي بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، وما حدث معي من محاولة تجنيد تحت مبرر العمل الصحفي، ما هو إلا أقل الأخطار. أخطر ما تقوم به هذه المواقع هو استهدافها للإنسان العادي البسيط، إنها صورة مصغرة لنوادي الترفيه، مثلها مثل صالات القمار ونوادي التعري، كل عملها هو استغلال خوف الناس من الوحدة والتهميش، وعندما يلاقي الإنسان التفاعل معه والإعجابات والتعليقات، يعيش ويسلم عقله لذلك العالم الافتراضي، فيدمن على مجتمعها، حتى يصبح فجأة صديقا لألد أعدائه وأفجر خصومه..

أترك تعليقاً

التعليقات