أحمد عبيد القعطب
 

أبو شادي الصغير

أبو شادي الصغير / لا ميديا -

تتفتح مدارك الطفل الأولى داخل أسرته، ومنها يكتسب كثيراً من الأنماط السلوكية التي تلعب -إلى جانب عوامل أخرى- دوراً رئيسياً في تشكيل شخصيته بجوانبها المعرفية والوجدانية والمهارية، فلا غرابة في أن يكون مثلاً بين أبناء هواة وعشَّاق الموسيقى من يهوى ويعشق ويحترف الموسيقى والغناء، وفي سير حياة الموسيقيين شواهد عديدة.
الفنان أحمد عبيد قعطبي ربما يكون أكثر الأسماء تداولاً بين فناني النصف الأول من القرن العشرين الذين لمعت أسماؤهم في مدينة عدن، حيث كانت ولادته ونشأته وشهرته.
"كان أُميِّاً" يقول أخوه عبدالله عبيد، فقد واجه صعوبات في تعلم القراءة والكتابة "بسبب قسوة الفقيه"، ولم تُجدِ محاولات أبيه المتكررة في فك تلك العقدة. لاحظ أبوه -بحس الفنان- ميول ابنه واهتماماته الفنية، فقرر في الوقت المناسب تعليمه العزف والغناء، فقد كان الأب فناناً يجيد العزف وعلى معرفة بأساليب الغناء ويحفظ عدداً من القصائد.
في قعطبة -قبل انتقاله إلى عدن- كان الحاج عبيد علي بلابل، عاشق الغناء، قد التقى الشيخ محمد ظافر الذي مكث فيها فترة من الزمن قبل رحيله إلى الحبشة فأخذ منه ما استطاع من أساليب الغناء وأصوله، فاكتسبت هوايته عمقاً، فقد كان الشيخ محمد ظافر أحد مطربي صنعاء وله معرفة واسعة بأساليب الغناء ويحفظ عدداً كبيراً من القصائد.
أبدى أحمد عبيد -على عكس تجربته في تعلُّم القراءة- استجابة سريعة لتعلُّم العزف، وحقق براعة فيه، فاستهل ظهوره أمام الجمهور عازفاً على العود لمصاحبة الفنانين عوض المسلمي وأحمد عوض الجراش. وبإجادته لأساليب الغناء وتمكنه من الأداء الجميل، قدم نفسه مطرباً محترفاً متفوقاً على الكثير من الفنانين المعاصرين له ممن تصدح أصواتهم في المقايل والحفلات المتعددة، فحظي بإعجاب جهور واسع، وشهرة تعدَّت بلاد اليمن.
يجد المستمع في صوت القعطبي قوة وجمالاً واضحاً، وفي أدائه إتقاناً لا يتوافر لدى فناني تلك الفترة.
لم تقف تجربة القعطبي عند حدود تقديم الألحان في الغناء التقليدي، فالطريف أنه وبفعل الانتشار الواسع للسينما حينها وانجذاب الجمهور للأفلام الهندية وما فيها من غناء، قام القعطبي بتقديم تلك الألحان الهندية بعد أن ركبها على قصائد عربية، وحظيت بإعجاب شديد من الجمهور حينها.
سجل القعطبي عدداً كبيراً من الأغاني لشركة "طه فون" على أسطوانات شمعية. وعند افتتاح إذاعة عدن عام 1954، سجل للإذاعة مجموعة من الأغاني، غير أن صوته كان قد فقد قوته وشيئاً من جماله.
توفي القعطبي عام 1969 مختتماً رحلة من النجاح والشهرة.
من الأغاني التي قدمها: "الله يعلم أنني مستهام"، "الهاشمي قال سحر العين"، "رسولي قوم بلغ لي إشارة"، "غنّى على نايف البواسق"، "قال ابن الأشراف"، "وا نسيم السحر هل لك خبر"، "يا نسيم الصباح سلم"، "يا الله لاطف عبدك الحائر"، "من سب أهيف مبرقع"... وغيرها.

* المعلومات في الأسطر السابقة أوردها الفنان محمد مرشد ناجي في كتابه "الغناء اليمني ومشاهيره".

أترك تعليقاً

التعليقات