لماذا وماذا لو صوتوا
 

أحمد الحسني

أحمد  الحسني / لا ميديا -

ليس بعيداً أن يكون هناك من بين الـ535 الذين يحق لهم التصويت في الكونجرس الأمريكي من له ضمير حي أو قادر على الاستيقاظ بعد طول سبات؛ لكن التجارب علمتنا أن الضمير ليس هو ما يدير الأمور في تلة الكابيتول، وليس المعيار الذي يحكم القرارات المنبثقة من تحت قبتها البيضاء لنعلل بذلك تصويت المؤسسة التشريعية الأمريكية بغرفتيها على وقف الدعم العسكري الأمريكي لتحالف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن. كما أن من المستبعد إن لم يكن من المحال تبرير صدور هذا القرار اليوم بأن الشيوخ والنواب الأمريكيين لم يكونوا يعرفون أن الإدارة الأمريكية كانت طوال أربع سنوات شريكاً في عدوان عسكري همجي وحصار غير إنساني، وكانوا يعتقدون مثلاً أن الطائرات الأمريكية كانت تزود بالوقود مقاتلات التحالف فوق الخليج أو أن إيران حقيقة في جنوب الجزيرة العربية، وأن القنابل العنقودية الأمريكية التي تقتل أطفالنا ونساءنا كانت جزءاً من ورشة عمل لتلاقح الحضارات وأن عرس سنبان كان اجتماعاً لأبوبكر البغدادي مع قيادات داعش... 
تعرف الإدارة الأمريكية بشقيها التنفيذي والتشريعي أن هذا العدوان الذي أُعلن برعايتها من واشطن انتهاك للقانون الدولي، وأنه يقتل المدنيين وينتهك القانون الإنساني الدولي منذ أول غارة على حي المطار، والحصار الذي يفرضه تحالف المملكة على أكثر من عشرين مليون يمني بدعم عسكري وسياسي أمريكي جريمة ضد الإنسانية، وتعرف أكثر من غيرها أن إيران شرق الخليج وليست في جنوب الجزيرة العربية، وأنه لا وجود لخطر إيراني على المملكة والمنطقة، وأن الخطر الذي يهدد المنطقة والعالم هو خطر الإرهاب الذي تصدر المملكة وقطر
أيديولوجيته وتموّل جماعاته، وأن مقاتلي الجماعات الإرهابية والتنظيمات الأصولية هم القوات البرية الرئيسة التي يعتمد عليها التحالف في هذا العدوان، وأن صفقات السلاح الأمريكي تذهب إليها ولتوفير الغطاء الجوي لها، وأن الإرهاب في اليمن كما في سوريا وغيرهما هو ما تسنده الولايات المتحدة ببوارجها وتدافع عنه باستماتة هي وبريطانيا في المحافل الدولية.
تعرف الإدارة الأمريكية كل ذلك أكثر من غيرها وقبل غيرها؛ ولكنها كانت تستثمر في بورصة النفط الخليجي معرفتها وقوتها وقيم الانسانية التي ترفع شعاراتها، فكل شيء في عقلية المرابي قابل للتداول، وخزائن صبية الخليج المترعة مفتوحة على مصراعيها، و"إسرائيل" تحتاج أن تعيش هانئة في محيط مفكك مشغول عنها بنفسه وثاراته.
وتأييد مجلس النواب الأمريكي لما صوت عليه مجلس الشيوخ بالأمس من وقف بيع الأسلحة إلى التحالف لا يعني تحولاً في السلوك الأمريكي ولكنه يعني أن الاستمرار في مجاراة العته المتنامي لصبية الخليج أصبح بالغ الإحراج والشناعة، لدرجة لا يمكن تبريرها بحال من الأحوال؛ ولكن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة قد خجلت وأنه لن يتم بيع السلاح الأمريكي للمملكة والإمارات، وإنما يعني أن فاتورة الاستمرار في عدم الخجل قد تضاعفت وصار على الغبي المتغطرس أن يدفع أكثر مقابل فيتو وقح من الرئيس الامريكي على القرار، وما أسهل الوقاحة على ترامب وأغلى ثمنها على بن سلمان وبن زايد!

أترك تعليقاً

التعليقات