أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

على امتداد 4 أعوام من الصمود، بلغ تحالف العدوان ذروة الأزمة، فلا يستطيع التقدم ولا التراجع الآمن. كانت خطورة العدوان في عامه الأول، وحين كانت أطرافه قوة واحدة، وكانت لافتات "الدولة غير الميليشاوية" تُصدق، أما اليوم فلا "التحالف" موحد ولا المرتزقة تكتل، ولا شعار "الشرعية" قادر على استقطاب شخص للدفاع عنه والتضحية في سبيله، ولا واقع منطق العدوان جاذب. 
انعكست عن أزمة العدوان الميدانية أزمة فكرية، فلم يعد العملاء قادرين على إنتاج أية دعوى فكرية أو شعارات جديدة يبررون بها العدوان ويحشدون مؤيدين؛ فوصلت الأزمة الفكرية إلى قيام "مثقفي" العدوان بسرقة واستنساخ مفاهيم وشعارات القوى الوطنية التي أطلقتها من بداية العدوان، والمفاهيم -التي رفعتها الوطنية- تعكس مجريات الواقع التاريخي، ويمكن تلمسها وتحليل جذورها واستشراف مستقبلها. 
"نجيب غلاب" نموذج للأزمة الفكرية للعدوان، ظل يردد ذات الخطاب القديم منذ 4 أعوام، ومؤخراً انتقل إلى سرقة شعارات ومفاهيم القوى الوطنية. ونأخذ أحد منشوراته على سبيل المثال:
"الشرعية ببعدها الرسمي والشعبي عملها كحركة تحرير وطني ضرورة. الجانب غير الرسمي الحامل ومركز الثقل الشعبي. تكامل القوة وتركيزها يتطلب بناء تحالف وطني جمهوري والاتحاد في بنيته ككتلة واحدة متماسكة تعمل كالبنيان المرصوص ومشروع منتج لوعي جامع وشراكة عملية مركزيتها تحقيق أهداف المعركة". 
بالنسبة لمفهوم "الشرعية" فلم يعد هناك من حاجة إلى نفيه، فمن المعروف أنه لم يكن هناك شرعية دستورية لهادي، وفترة المبادرة انتهت، وكذلك تمديد مؤتمر الحوار، وزوال حكم التوافق عنه. وباتت التقارير الأممية تشهد على أن عصابات تابعة للإمارات والقاعدة وداعش ومجموعات انفصالية هي من تحكم المناطق التي يسمونها "المحررة". 
إن الجديد هو الحديث عن "جانب شعبي للشرعية، يمثل مركز ثقلها"، وهو عين ما لا تملكه حكومة هادي التي تسكن في فنادق الخليج، ويحتاج هادي أو أي وزير لإذن إماراتي لينزل مطار عدن، وهو أمر معروف، وأكدته تصريحات وزراء هادي أكثر من مرة. 
تحدث أيضاً عن وجوب أن يشكل العملاء في الرياض وأبوظبي "حركة تحرر وطني"، ومفهوم حركة التحرر الوطني يدل على الحركة السياسية الجماهيرية المسلحة التي تخوض الحرب ضد المستعمر الأجنبي، فيما حكومة هادي تقاتل مع المعتدي والمحتل الأجنبي.
و"الاتحاد الجمهوري" الذي يرفعه غلاب يذكرنا بـ"الاتحاد اليمني" لحركة "الأحرار" التي كانت تناضل بدعوى "الجمهورية" ضد حكومة الإمام المستقلة، من مستعمرة عدن البريطانية، إلا أنه وعلى عكس من ذلك، فإن صنعاء اليوم مُستقلة وجمهورية. 
كما قام غلاب بسرقة المفهوم القرآني لوحدة المجاهدين "كأنهم بنيان مرصوص"، الذي يستخدمه أنصار الله، فيما واقع جماعات المرتزقة "هباءً منثوراً"، وتعجز عن التوحد لأسباب متعلقة بطبيعتها وبتعدد مموليها الأجانب، وكانت فترة 4 أعوام كفيلة بوحدته لو كانت فعلياً تتحد على قضية وهدف وقائد.

أترك تعليقاً

التعليقات