الحكم في تصور الزيدية 2-2
 

محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد / لا ميديا -

لا تجتمع "الهاشمية السياسية" خلف قيادة واحدة جامعة إلاّ إذا كانت قيادة قوية حكيمة منتصرة. فحين تحارب الإمام شرف الدين مع الأتراك، وأراد نقل ولاية العهد لابنه عز الدين ثار عليه ابنه المطهر وتحالف مع الأتراك ضد أبيه وإخوته، ثم عندما اجتمعت كلمة الإمام شرف الدين مع ابنه المطهر استطاعوا طرد العثمانيين من اليمن. وحين عاد الأتراك مرة أخرى استعانوا بأبناء وأحفاد شرف الدين في إخضاع اليمن، ومحاربة الإمام القاسم، وحين انتصر الإمام القاسم وظهرت دعوته انضوى الجميع تحت رايته، فكان خروج العثمانيين للمرة الثانية من اليمن. وفي بداية الألفية الثالثة كانت حركة الشهيد حسين بن بدر الدين الحوثي في صعدة، وشعاره ضد أمريكا وإسرائيل، ورفض التبعية لهما، حينها عمل النظام الحاكم وقتها على تجميع علماء الزيدية ومثقفيها وسياسييها لإصدار بيانات نقد وتنديد وتجريح ضد حركة الشهيد حسين وضد شعاره،
الحكم في تصور الزيدية الذي كان يردده مع الشباب المتأثرين بدعوته داخل مساجد العاصمة صنعاء وفي صعدة. وحين انتصرت حركته ساروا خلف رايته ورددوا صرخته، متهالكين على المغانم، لكنهم عند المغرم سرعان ما يصبح الأخ عدواً لأخيه، وتلك من سنن البشر. ففي كل حركة سياسية عند المغنم يتزاحم الجميع، وعند المغرم تبقى ثلة صغيرة في ساحة الوغى والشهادة، ولنا في غزوة أحد مثال، وفي كربلاء مثال، وفي ثورة الإمام زيد بن علي مثال، فتأملوا وتذكروا فإن الذكرى تنفع أولي الألباب. 
فهاهي الكوفة مثال على الثورة والغدر بها في آن، حتى أمسى معنى البيعة مرادفاً لمعنى الغدر، ولا يزال أهل العراق يقولون في من يغدر إنه "بايع"، وسبب هذا الغدر الاجتماعي ناشئ من التباعد بين أهداف الواعظين وأهداف الحياة الواقعية. (علي الوردي: وعاظ السلاطين، دار كوفان، لندن، ط2، 1995م، ص56).
فالطبيعة البشرية كما يرى المفكر علي الوردي في كتابه آنف الذكر لا يمكن إصلاحها بالوعظ المجرد وحده، فهي كغيرها من ظواهر الكون تجري حسب نواميس معينة، ولا يمكن التأثير في شيء قبل دراسة ما جُبِل عليه ذلك الشيء من صفات أصلية. يقول "كوبان": "لكي تسيطر على الطبيعة، يجب عليك أولا أن تدرسها، فالإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة المحيطة به" (المرجع السابق، ص6).
يعلق الشرفي على أحداث 656هـ/ 1258م بحسب ما تنقله الباحثة سلوى علي قاسم المؤيد في بحثها المقدم لنيل درجة الدكتوراه: "ولعبت ظروف القحط التي عاشتها المنطقة، وأموال السلطان، دوراً رئيسياً في انحراف الناس وتكالبهم على حرب الإمام أحمد بن الحسين". ويعلق الشرفي على أحداث تلك الفترة بقوله: "وكان الأغلب على الأشراف وغيرهم من القبائل الميل إلى الدنيا وإلى الشهوات العاجلة، فمرة يقومون مع الإمام ومرة مع السلطان" (ص60)، والمقصود بالسلطان آنذاك سلطان بني رسول...

أترك تعليقاً

التعليقات