الموجهات والاتجاهات
 

عبدالملك المروني

عبدالملك المروني / لا ميديا --
نعلم جميعا أن المخزون الثقافي والفكري والعقائدي الذي بين أيدينا، ممثلاً بالملازم والخطب والمواعظ، موروث لا تمتلكه أمة، ولا يمكن اختزاله في ثقافة أو أيديولوجيا أي حزب أو مكون ثقافي لأي حزب أو نظام سياسي في العالم، ونعرف أن مصدر وعينا الثقافي هو القرآن الكريم، ويعرف الكثير منا أن هذا الكنز الثقافي هبة الله لهذه الأمة ومن بعدها أمم وشعوب أخرى، ويعرف الكثير من أنصار الله أن هذا الاتجاه هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المعرفة الكاملة بأمور الدنيا والآخرة... ومع ذلك كله تموت في دواخلنا هذه القيم وتتصدع هذه الثوابت بمجرد أن تضعنا الأقدار أمام مشاغل ومهام روتينية، أو تقودنا الأحداث باتجاه مواقع ومناصب تحقق لنا قدراً من الجاه والمغريات. ومع أن السيد لا يتوقف عن تذكيرنا بهذه الأمور في كل مناسبة وحديث إلا أننا ننسى ذلك بمجرد أن تغيب شمس ذلك النهار، فما وجه الإشكال هنا؟ ولماذا يحدث فيما ندرك أنه يخاطبنا نحن ويوجهنا نحن ويطلب منا أن نكون رسله وسفراءه في أوساط أسرنا ومجتمعنا؟ البعض يعتقد أنه غرف ما يكفيه من هذا الفكر وهذه المعرفة، وأنه بات لوحده مصدر تثقيف ومعرفة، فيما العلم نفسه يحذرنا من ذلك ويقول بالحرف إن من المعيب أن يقف الإنسان عند حالة محددة من الإيمان والوعي ويرى أنه قد اكتفى ولم يعد يحتاج إلى الزيادة. 
إنه يدرك مواطن الضعف لدى المؤمن وكيف يستهدفه الشيطان وتغويه أدواته، ويحذر من ذلك بقوة، نجده هو ذاته يستهل دروسه بدعاء الإمام زين العابدين: (اللهم بلغني بإيماني أكمل الإيمان واجعل يقيني أفضل اليقين...) إلى آخر الدعاء. 
وتجده في درس آخر من دروس مكارم الأخلاق يحدد موجهات عامة فيقول إن المسار الإيماني طويل ويجب العبور فيه حتى نرتقي إلى مستويات أسمى وأعظم، ويحذر بشدة من الغفلة والركون إلى التجاهل أو التفريط بهذه المعرفة.
وما أكثر ما نسمعه وما أقل ما نتعظ به! وكاتب هذه السطور واحد من هذه العينات التي تقع في هذه الأفخاخ والمطبات الموجعة. 
البعض لا يعي ما الذي يريده السيد حين يتحدث عن أمور سياسية ومعطيات محلية ودولية بالغة الخطورة والحساسية، حين يتحدث مثلاً عن الطاغوت ويكرر هذه العبارة مرات عديدة في خطاب واحد. يعتقد البعض أنه يشير إلى طلقاء الوطن مثل عبد ربه هادي وحكومته وأشياء من هذا القبيل، وهو إنما ذهب أبعد من ذلك بكثير، أبعد من دول العدوان جميعها، لكننا نتوقف عند حدود معينة وآفاق مبتورة. يقول لنا إن الطاغوت يشكل خطراً على الناس في دينهم ومعاشهم وفي قيمهم ووعيهم، وأن غايته هي السيطرة عليك وعلى أرضك ومقدرات وطنك، وأنت تتحدث عن محمد بن سلمان أو أحمد بن دغر وأشكال من هذه العينة.
يتحدث السيد عن مشروع شيطاني يستهدف الأمة الإسلامية برمتها وبمختلف مذاهبها واتجاهاتها، ونحن نتحوقن حول إمام مذهب أو شيخ طريقة... يتحدث عن وحدة الأمة الإسلامية وضرورات التصدي لمخطط عالمي يقوده أولياء الشيطان ومراكز نفوذه وقوته، ويذهب العرب وغيرهم للبحث عن مصدر هذه المفردات وما إذا كانت لفقيه هنا أو هناك... 
هناك سوء فهم غريب لدى الكثير أو أن لديهم فهماً لا علاقة له بالله ولا بالحياة وما يجري فيها، وسنحاول لاحقاً بإذن الله الاقتراب من هذه المعطيات من الزاوية المحلية على الأقل في حدود ما نستطيعه أو نقدر على الدنو منه.

أترك تعليقاً

التعليقات