هرولة الأعراب باتجاه سوريا
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم

أعلنت سلطات دولة الإمارات في الأسبوع الماضي، إعادة فتح سفارتها في دمشق بعد 7 سنوات من إغلاقها، وبعدها بأيام أعلنت دويلة البحرين إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق.
هذا التطور اللافت والمفاجئ يشير إلى تحولات غير متوقعة، لها أسبابها المنطقية التي ينبغي التفكير والتحليل حولها.
فالإمارات كانت حليفة للسعودية وقطر في حملتها السياسية والإعلامية ضد النظام السوري، ولدعم الفصائل السورية المعارضة، عسكرياً ومالياً، طوال 7 سنوات سابقة، بحجة الثورة ضد النظام الأحادي والإقصائي وأجهزته الأمنية العنيفة.
تلك الثورة السورية التي تحولت سريعاً إلى تجمعات لفصائل إرهابية متطرفة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتنظيم النصرة (القاعدة فرع سوريا)، وغيرهما من التنظيمات التي لا حصر لها، والتي استمرت الأنظمة الخليجية السعودية والقطرية والإماراتية في دعمها، ليس حباً في الشعب السوري ورغبة في نهضته، وإنما غيظاً من النظام السوري العروبي، المواجه للكيان الصهيوني، والناهض اقتصادياً وسياسياً، والمعادي لبعض الحركات الدينية مثل الإخوان المسلمين، والتي تتحالف قطر معها.
ولما تدخلت روسيا في الحرب السورية إلى جانب النظام، وتغيرت المعادلة العسكرية بشكل كبير وواضح، انهزمت الجماعات الإرهابية والتنظيمات العسكرية المتنوعة، وتقلصت مساحاتها، وخسرت معاركها الكبرى، ابتداء من معركة حلب، مروراً بمعركة الغوطة الشرقية ومعارك الريف الشمالي السوري، وبدأ يحصل استقرار وعودة للقوة في سوريا مرة أخرى.
وهذا أدى لإعادة بعض الدول الخليجية دراسة مواقفها من الوضع السياسي في سوريا.
ولكن أبرز متحول في وجهة نظري هو الضغط الأمريكي والغربي على النظام السعودي بعد حادثة جمال خاشقجي، وانتشار الانتقاد ضد النظام السعودي بسبب حرب اليمن.
هذا الأمر دفع السعوديين لمحاولة التوجه نحو روسيا كقطب مختلف ومعارض للغرب وللولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة بعد التصويت المفاجئ والقوي لمجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع لتحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وكذلك تصويته بالأغلبية لصالح إيقاف مشاركة الأمريكيين في دعم الحرب السعودية على اليمن.
وهذا الأمر دفع السعوديين لمحاولة الارتماء في أحضان الروس، وفهموا أن هذا الأمر لن يتم إلا بالتقارب مع النظام السوري الحليف الرئيسي لروسيا في الشرق الأوسط.
ويبدو أن السعودية أوعزت للإمارات والبحرين ببدء التطبيع السياسي مع سوريا للتمهيد للتطبيع السعودي، سعياً لإرضاء روسيا لتحمي المنصب السياسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وقد أرسلت روسيا إشارة المباركة لهذا التوجه، بتصريح نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، قبل أيام، أنه ليس من حق الولايات المتحدة الأمريكية التدخل في الشؤون السعودية الداخلية الخاصة بولاية العهد وتغيير محمد بن سلمان!
ويبدو أن هناك سبباً آخر متمثلاً في الإصرار التركي على التدخل في الشمال السوري، والدعم القطري لذلك التوجه، مما يؤدي لتوجه السعودي والإمارات لسياسة معارضة لذلك الإصرار ولو بالتحالف مع سوريا بسبب العداء المتنامي مع تركيا وقطر، وهو يندرج تحت عنوان صراع المحاور الإقليمية في هذه المنطقة.

أترك تعليقاً

التعليقات