جهد المقل يا حكومة
 

أحمد الحسني

أحمد الحسني

صحيح أنه من غير المنطقي أن نطالب حكومة الإنقاذ، في مواجهة تدني قيمة العملة الوطنية وغلاء الأسعار، بتحمل المسؤولية المنوطة بالحكومات واتخاذ التدابير اللازمة لإدارة اقتصاديات الحروب المتعارف عليها، وذلك بسبب وضعها الخاص كحكومة أمر واقع غير معترف بها رسمياً في المحافل الدولية حتى الآن، وبالتالي فإن كل التدابير والقرارات التي ستتخذها لن يتم التعامل معها خارجياً من قبل الدول والمؤسسات الاقتصادية الدولية، لدرجة تجعلها غير قادرة ليس فقط على اتخاذ السياسات الاقتصادية المناسبة، وإنما على منع السياسات المدمرة للاقتصاد كالطباعة التضخمية للعملة الوطنية، إضافة إلى أنها لا تتحكم في إدارة الموارد السيادية للدولة وكل منافذ الاستيراد والتصدير خارج نطاق سيطرتها، والميناء الوحيد الذي يقع تحت سيطرتها بما تبقى من قدرته التشغيلية الضئيلة بسبب ما تعرض له من تدمير ممنهج بواسطة غارات التحالف، قد أحاله العدوان مسرحاً لعملياته العسكرية بهدف السيطرة عليه أو على الأقل بإغلاقه تماماً في وجه دخول السلع الأساسية وإطباق حصار قاتل على غالبية اليمنيين الذين فشلت الترسانة العسكرية للعدوان في إخضاعهم طيلة ما يقارب الأربعة الأعوام. والأولوية في مواجهة واقع كهذا هي النفير العام الى الجبهات، واتخاذ التدابير اللازمة، ومضاعفة الجهود للتخفيف من آثاره وحماية الجبهة الداخلية من تداعياته، والتصدي بحزم لكل استغلال قذر يفاقم منه، وهذا منوط بالجميع بلا استثناء، لكن المسؤولية الرئيسة تقع على عاتق حكومة الإنقاذ، وفي نطاق المتاح من إمكاناتها.. 
ثمة الكثير مما يمكن للمختصين رسم السياسات المناسبة له، والكثير من التدابير التي يمكن للأجهزة التنفيذية مباشرتها. أما المعلوم بالضرورة لكل عاقل، والضرورة الملحة والضرر البالغ بالأعم الأغلب الذي لا عذر للحكومة بجهله، ولا بالتقصير في واجب التصدي له، فهو التلاعب بالأسعار واستغلال التجار لارتفاع سعر الدولار في سرقة الناس والتربح القذر بمآسيهم.
من الطبيعي أن ترتفع أسعار السلع والخدمات بارتفاع سعر الدولار، خصوصاً في مجتمع استهلاكي يستورد حتى المناخيش وأكياس غسيل القات، لكن ذلك لا يعني أن يترك كل تاجر وضميره في تحديد سعر السلعة ووضع نسبة الربح التي تلائم جشعه.
نحن في ظروف استثنائية وأوضاع معيشية على درجة من السوء لا تحتمل المزيد، وحين يكون سعر السلعة في دكان ألف ريال، وفي الدكان المجاور ألفاً وثلاثمائة، فإن ذلك جريمة حتى في الظروف العادية، ولا علاقة لها بارتفاع الدولار وانخفاضه، وإنما بمدى لصوصية هذا التاجر أو ذاك، وجهد المقل، وأقل ما يجب على حكومة الوفاق، وأيسر ما بمقدورها فعله، هو التصدي له، فحماية المجتمع من لصوص التجار لا تقل أهمية ووجوباً عن حمايته من اللص الطرار، وابدؤوا بالكبار، والأهم ألا توكلوا هذه المهمة إلى اللصوص، فتزيدوا الطين بلة..

أترك تعليقاً

التعليقات