جريمة خاشقجي والحملة على السعودية
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم

قال الرئيس الأمريكي ترامب في مقابلته الأخيرة، الخميس الماضي، مع صحيفة (نيويورك تايمز): (إن قضية القنصلية السعودية في إسطنبول وقتل المعارض السعودي فيها، هي أكبر أزمة دولية يتعاطى معها منذ توليه الرئاسة في الولايات المتحدة).
لقد أخذت هذه الجريمة أصداء عالمية كبيرة لم يكن يتوقعها النظام الحاكم في السعودية، وصارت مثل كرة الثلج التي تتدحرج وتكبر شيئاً فشيئاً.
وقد كان للتعامل التركي المتدرج والهادئ تجاه القضية دور في تأجيجها، مثل الطبخة على نار هادئة.
أصبحت التسريبات الإعلامية التي يبثها الأمن التركي عن طريق وسائل الإعلام التركية والأمريكية وقناة الجزيرة، لها دورها في إثارة العالم تجاه هذه القضية.
المغدور جمال خاشقجي هو معارض سعودي مقيم كلاجئ سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أكثر من سنة، تم استدراجه للقنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، من أجل إجراءات معاملة إدارية تتعلق بأوراق طلاق، ثم الغدر به وقتله داخل القنصلية، وإنكار هذه الحادثة.
وبدأت لاحقاً تتكشف خيوط القضية، وإخراج تسريبات مقتل الخاشقجي شيئاً فشيئاً، وذلك عن طريق كاميرات المراقبة خارج السفارة، وتسجيلات يقول الأمن التركي إنها موجودة لوقت المشادة والنزاع الذي حصل في القنصلية وقت محاولة قتل خاشقجي.
وبعد محاولة إصرار النظام السعودي على رفض أي علم له بالقضية، وعدم تورطه في القضية، بل دعوى أن خاشقجي خرج من السفارة بعد 20 دقيقة، تفاعل الإعلام العالمي ضد بني سعود لهذا السبب، وخاصة صحيفة (الواشنطن بوست) التي كان خاشقجي أحد الكتاب الدائمين فيها.
وكان لحملة صحيفة (الواشنطن بوست) تأثير كبير على الإعلام الأمريكي، مثل (سي. إن. إن) و(فوكس نيوز) و(النيويورك تايمز)، ثم على الإعلام الأوروبي (الغارديان) و(الأوبزيرفر) و(بي. بي. سي)، مما أدى لتأثير مباشر على صناع القرار.
الخميس الماضي، أعلنت الرئاسة الفرنسية تعليق الزيارات السياسية للسعودية بالاتفاق مع بريطانيا وألمانيا وهولندا، وذلك على خلفية هذه القضية، وهذا الإجراء هو الأول من نوعه ضد النظام السعودي منذ عقود.
كما أعلنت عدد من المؤسسات الاقتصادية ووزراء المالية في دول غربية كثيرة (منها الولايات المتحدة)، مقاطعة المؤتمر الاقتصادي السعودي الذي كان مقرراً في نهاية هذا الشهر.
كما تراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن محاولاته الدفاع عن حليفه ابن سلمان ودعوى أنه لا يعلم بالقضية، بعد ضغط إعلامي أمريكي، واتهامات لترامب أن لديه مصالح مالية في السعودية تؤثر على مواقفه.
أمسى النظام السعودي اليوم يحس بالعزلة شيئاً فشيئاً، ولعلها تكون ضربات قوية تجعل الثور يترنح، وذلك بسبب دعوات المظلومين في اليمن، وفي غير اليمن، من تصرفات ذلك النظام المجرم في الرياض.

أترك تعليقاً

التعليقات