المولد النبوي.. ميلاد أمة محمدية
 

أحلام عبدالكافي

عندما غيب عن هذه الأمة رموزها العظماء، ضَعُفت ووهنت، وسهل على أعدائها اختراقها حين جعلوا لها رموزاً واهية لا تبني أمة ولا تصنع جيلاً.
إن المولدَ النبويَّ هو ميلادُ محبة النبي الأكرم في نفوس المؤمنين، وهو ميلادُ كُلّ المبادئ السامية والتعاليم الربانية التي جاء بها، بل هو ميلادُ الهداية للأمة وإحياءٌ للخير والصلاح، كيف لا، فنبينا الأعظم محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) جاءت دعوته لتخرج الناس من الظلمات إلى النور حين دعت لكل فضيلة ونبذت الرذائل.. فما أحوجنا هذه الأيامَ لإحياء هذه المناسبة العظيمة في ظل ما يمر به الوطن الغالي اليوم من صعاب وتحديات جسيمة، حيث تكالَبَ عالم الشر وعالم الإجرام على يمن الإيمان والحكمة، فقد ارتكبوا المجازر ودنسوا الأرض.. فإحياء هذه المناسبة في ظل هذه الظروف يعتبر ضربة للعدو أقوى الصواريخ التي ستقصمُ رؤوسَهم، فأعداء الأُمَّــة من اليهود والنصارى ومن بني سعود يدركون مدى ارتباطِ هذه الأُمَّة بنبيها، ومدى سر القوة التي تنبثق من توطيد هذه الصلة، والتي من شأنها أن تبنيَ جيلاً واعياً وأمةً قويةً ترفُضُ الذل والخضوع للظالمين والمستكبرين.. فإذا ما أحيينا التعاليم الربانية التي جاء بها محمد الأمين، سنكون أكثر تماسكاً وتوحداً، والتي هي من أولويات البعثة النبوية، والتي نبذت الأحقاد والضغائن في ما بين الأفراد والجماعات، ودعت إلى توحيد الكلمة والصف وجمع أمر الأُمَّة تحت راية واحدة، والعمل على تماسكها لتكون أكثر قوة وبأساً.. فهذا كله من شأنه إزعاج قوى الشر من الأعداء والمتربصين بأمة محمد، الذين عمدوا إلى تغييب واضح وتشويه ممنهج لمن يحيي هذه المناسبة والذكرى العطرة، لتظل هذه الأُمَّة غارقةً في براثن شراك العدو ومخططاته.. إن اهتمامَنا بالمولد النبوي هو اهتمامٌ بالرسالة الإلهية، وتعبيرٌ منا عن الشكر والعرفان بالنعمة الربانية وعظمة فضل الله علينا كأمة مسلمة.. فالرسولُ الأعظمُ هو مدرسةٌ ومرجعيةٌ أخلاقية تغشاها الرحمة والإيمان، والارتباط به هو بوابة الارتباط بأنبياء الله ورسله وكتبه، ودون ذلك يتحول الإنسانُ إلى وحَشٍ مفترس، ويفقدُ كرامتَه حين تسوءُ تصرفاته وأخلاقه، وفي مقدمتها الرحمة والإحسان وغيرها من الأخلاق التي ترتقي بالإنسان إلى مستوى الحياة الكريمة.. فإن الأُمَّــة عانت وما زالت تعاني من مخطط إبعادها عن المعنى الحقيقي للرسالة النبوية ولقيمها العظيمة.. فعلى أُمَّة محمد أن تعترفَ جميعُها بالمولد النبوي، وأن تُحييَ ميلاد سيد الكونين.. فهو لم يبعث لطائفة ولا لحزب ولا لأشخاص كما نجد اليومَ تلك المسميات التي تم غزوُ الأُمَّة بها، لتجعلَها غارقةً في بحر التفرقة والاقتتال والعداء المستمر في ما بينها.. فهذه المناسبةُ تجعلنا أكثر حرصاً على إحيائها لما لها من أهمية كبرى في علاج ما وصلت له الأُمَّــة اليوم من حالة مأساوية بتفشي ذَلك الفكر الوهابي المتطرف الذي يحاولون به جَـرَّ الإسلام إلى منزلق خطير جداً بعيد كُلّ البُعد عن الإسلام المحمدي ودين التسامُح والرحمة المُهداة للأمة جمعاء في كُلّ زمان ومكان.

أترك تعليقاً

التعليقات