أحلام عبدالكافي

أحلام عبد الكافي / لا ميديا

ما يتم ضخه في أيام وليالي رمضان من مسلسلات وبرامج عبر الفضائيات المختلفة بشكل مهول جدًا ليس عبثا ولا من قبيل الصدف، إنما هو عمل ممنهج ومخطط له بشكل مدروس من قبل الصهيونية (ماسونية العصر) له أبعاد خطيرة وأهداف عميقة يأتي في إطار استهدافهم لوعي الأمة العربية والإسلامية عبر حربهم الناعمة ذات الأساليب الخفية والمتعددة.
ترويج وتشويق وعمل جذاب ودراما مشوّقة... كل تلك المسميات أدوات لاختراق الوعي وتصويب الفكر نحو انحرافات خطيرة ومنحنيات نتائجها كارثية في رمضان وغير رمضان... هدفها إفراغنا من ضوابط  الهوية والقيم ونشر ثقافات هدامة قوامها انهيار الحضارة والإنسان حينما يتم غرس قيم الانحطاط والسفور والأنانية وحب الانتقام والخداع وتعميق فكرة البقاء للقوي  والموت والفناء للضعفاء في عالم الرأسمالية المدمرة لكينونة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة بإبعاده عن تطبيق المنهجية الإلهية العادلة وإبدالها بمنهجية الشيطان (أمريكا والصهيونية).
أما عن ضياع الأوقات المباركة في شهر الذكر والعبادة فهو أحد الأهداف واضحة المعالم التي يسعى إليها أرباب الحرب الناعمة لحرصهم الكبير على تفويت هذا الشهر العظيم من استغلاله بالشكل الذي نرضي به الله عنا... وتضيع معه الكثير من الفوائد الروحية والنفسية والدينية حين يتم تحريك عالم الإعلام والفضائيات في التسابق بشكل كبير في عروضات مغرية لوعي المشاهد أو المستمع تم الاستعدادات لها بمليارات الدولارات لنشر الفساد والأفكار الماسونية. 
ضخ أهداف الحرب الناعمة عبر المسلسلات التركية بشكل ممنهج. نعم، عبر المسلسلات التركية تتعرض الأمة العربية والإسلامية لهجمة خطيرة، حيث ازدادت نسبة المشاهدة والتأثر بالثقافة التركية بنسب كبيرة جدا تستوجب الوقوف بجدية حيال ما خطط له ضدنا.
كثيرة هي القصص التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام حول تأثير تلك المسلسلات على الأسرة العربية... ومنذ بدء عرض المسلسلات كانت وسائل الإعلام العربية تتناقل حوادث الطلاق والخلافات الزوجية التي وقعت في غير دولة عربية بسبب مسلسلات تركية.
وأوضحت دراسات عربية أن خطورة الدراما المدبلجة وعلى رأسها المسلسلات التركية، يصعب حصرها، فهي تخترق المجتمعات العربية من باب أن الأسر في هذه المجتمعات تعاني من أزمات عاطفية، فتقدم نوعا من الدراما يلعب على وتر الأبعاد النفسية والاحتياجات المفقودة لدى المواطن العربي.
ومع الوقت يشعر المواطن في المجتمع الذي تحكمه عادات وتقاليد وأعراف وقيم مجتمعية، بأنه في صراع مع النفس، بين الميل إلى تطبيق ما يشاهده من مسلسلات تركية من انفتاح وترويج للتحرر وإقامة علاقات تخالف قيمه، وبين الالتزام بحدود الأخلاقيات التي لا يسمح المجتمع بتجاوزها.
وأضافت دراسة أن النساء اللاتي بلغت متابعتهن حدّ الإدمان للمسلسلات التركية التي تعتمد على الرومانسية والعاطفة والتحرر أحيانا، قد يشعرن بالنفور ناحية أزواجهن، وأن حياتهن أصبحت مملة ولا يوجد بها أيّ إغراءات، نتيجة الهوس بنمط الحياة التركية، ولا يفرقن بين الخيالي والواقعي، وما قد يترتب عليه من تخريب أسر بكاملها.
وتقدم الدراما التركية الحياة بين الزوجين على أنها منحصرة في العاطفة والحب والمتعة، دون مراعاة أن هذه الدراما تذاع في بلدان تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة أرهقت الناس وأنستهم حياتهم الشخصية، ومن هنا قد ينفر المشاهد العربي من حياته مع مرور الوقت، لأنه يقوم بمقارنة نفسه بأبطال العمل الدرامي، والكارثة عندما تحدث محاكاة لواقع الدراما.
وتعدد الدراسة خطورة محاكاة الثقافة التي تروّج لها الدراما التركية، ومنها بحث فئة من الأزواج عن نموذج ومواصفات الشريك في الحياة الزوجية على النمط الموجود بالدراما، ما يمكن معه هدم تقاليد المجتمع وشق صف الأسرة، فضلا عن الخطر في الميل إلى تقديس نموذج الحياة الموجود بهذه الدراما، مثل تبسيط العلاقات الحميمة والمحرمة وإباحة فعل أي شيء باسم الحب، وخيانة الزوج أو التمرد عليه، والشغف بارتداء ملابس غير لائقة للمسلم ولا للمسلمة.
ورأت الدراسة أن تراخي الأسر العربية في متابعة الأجيال الجديدة التي أصبحت تتعامل مع الدراما التركية بدرجة تصل إلى حدّ الإدمان، من شأنه أن يحول المجتمعات العربية مع الأجيال المستقبلية إلى نموذج تركي، تتلاشى معه الكثير من العادات والتقاليد، نتيجة التوسع في المحاكاة لكل ما تقدمه هذه المسلسلات، وآنذاك قد تصطدم مجتمعاتنا بأن تقاليدها وأعرافها وسلوكياتها وحتى ثقافتها بدأت تتهاوى ليحل مكانها نمط الحياة التركي المتحرر.
نعم إن (المسلسلات التركية تنتمي عادة إلى تلك المجموعة من المسلسلات التي تحفل بالأحداث العاطفية مثل علاقة حب تجمع بين شاب غني من عائلة فاسدة وفتاة شريفة من عائلة فقيرة، وهي تريد إيصال رسالة تفيد بأن المجتمع التركي يعيش حياة غربية من حيث اللباس والسيارات والتقنيات المستخدمة وعلاقات الجنسين، مع الحفاظ على الروابط الأسرية والدينية القوية).
وكذلك تعطي (المسلسلات التركية صورة الرجل التركي صاحب السلطة في أسرته)، لكنها تظهره على أنه (لا مشكلة لديه في اعتبار المرأة مساوية له)، كما تصور (المرأة التركية المكافحة المتحررة والمناضلة لأجل حقوقها، إضافة إلى صورة المرأة المتسلطة التي تريد التدخل في شؤون أولادها، وأخرى للمرأة الوصولية المستعدة للقيام بكل شيء للوصول إلى هدفها).
نعم، إن (تأثير هذا النوع من المسلسلات يعمل ببطء ولا يظهر تأثيره سريعا)، دون أن يستبعد (حصول تغييرات حقيقية وملموسة في هذا المجال بمرور السنوات).
على صعيد ردود الأفعال فإنها تجدها حاضرة في الإعجاب العربي بنجمات ونجوم المسلسلات التركية. وامتد تأثير هذه الأعمال على العائلات العربية، حيث أقبلت على اختيار أسماء أبنائها من الشخصيات الدرامية التركية أو أسماء الفنانين والفنانات التركية.
فقد أقبل المشاهدون والمتابعون للدراما التركية في الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا على اختيار أسماء تركية لأبنائهم مثل: هيام، سليمان، مهند، نور، مريم، كريم... 
في دراسة جامعية لبنانية حول تقليد الشباب للمسلسلات التركية تبيّن أن 76 بالمئة من المستجوبين يقلدون المسلسلات التركية من حيث الجانب العاطفي، وأن 29 بالمئة من المستجوبين يقلدونها من حيث الألفاظ والكلمات، وأن 33 بالمئة من المستجوبين يقلدونها من حيث الحركات والإشارات، وأن 72 بالمئة من المستجوبين لا يمانعون تقليد المسلسلات التركية من حيث الملبس والمشرب.
نعم، للأسف (لا يزال البعض يظن أن غزو الدول يكون بإعلان الحرب العسكرية عليها، وينسى أن الغزو الثقافي هو الأشد وقعا وأعم تأثيراً).
هذه هي صناعة الأتراك لقوتهم الناعمة؛ لكن البلدان العربية تحتاج إلى إعادة رسم خارطة قوتها الناعمة وإضاءة مراكز قوتها ونفوذها لقطع الطريق على قوة تسعى إلى غسل أدمغة الأجيال الناشئة.

أترك تعليقاً

التعليقات