يدٌ تبني ويدٌ تحمي
 

أحلام عبدالكافي

أحلام عبد الكافي / لا ميديا

انقضت أعوام ثلاثة بساعاتها وأيامها وشهورها، صمد فيها اليمانيون بأجواء حفتها البركات والتأييدات الإلهية، حين نفضوا غبار كل التحديات والمؤامرات من قصف وتدمير وقتل وحصار، فسحقوا بكل عزيمة وإصرار أسطورة تحالف العدوان الكوني الذي (لا يقهر)، حين خطوا بالخط العريض حقيقة اليماني الذي لا ولن يقهر وهو يلج عامه الرابع من الصمود بمشروع بناء الدولة تحت شعار (يد تبني ويد تحمي)...
نعم، تؤرقنا آلامٌ كثيرة، وتفرض نفسها تساؤلات كثيرة... ماذا عمن تضرروا في هذه الحرب الوحشية، من أصبحوا بلا مأوى بين عشية وضحاها؟! وماذا عمن فقدوا أحباءهم وأعزاءهم في غمضة عين، بل عمن فقدوا أعضاء من أجسادهم، فوجدوا أنفسهم في سجل المعاقين بفعل قصفٍ لعدو غاشم.
ثم أجد نفسي ملزمة بالتقرب إليهم أكثر، حين تجدني لا أفوت فرصة لسماع حديث أم ثكلى فقدت أولادها، وهي تروي حكاية شيطانٍ بثوب وعقال اختطف أبناءها من بين ذراعيها بغياً وظلماً. ثم أجد نفسي تارة أخرى أطيل التأمل في أطلال بنيان قصفه العدوان حقداً وعدواناً؛ لا لشيء، وإنما من أجل أن أستمد القوة والبأس من براثن إجرامهم، ومن بين كل تلك الجراحات التي خلفها عدوانهم، بل من أجل أن أزداد يقيناً أن من يقتل الأبرياء في مساكنهم هو أحقر وأضعف ما يكون، وأن من يحاول أن يعدم الحياة والوجود إنما هو من لا يستحق الحياة على هذا الوجود.. 
نعم، تأخذني نفسي بعيداً إلى عالمٍ يشبه إنسانيتي، فأراني قد ازددت إصراراً على أن أبحث عنها وأن أنتزعها من بين ذلك السواد... لم يكن الطاغي يوماً منتصراً في وجود الأحرار على أرضهم الحرة... نعم، لم يعد يخيفني هكذا عدو بلغ به الإثم والإجرام أدنى مراتب الهالكين. ولم تعد تقلقني أصوات طائرات حلقت عالياً، لأنها أجبن من أن تهبط على أرض الأحرار... 
فلا والله لن أفسح مجالاً للقتلة كي يحدوا شفرتهم بخنوعي، ولن أسمح لتجار الحروب كي يمعنوا في غيهم بسكوتي... فوالله لن يجدني العدو إلا حيث يكره. سنحمي وطننا وسنبنيه بسواعدنا.
أدركنا خلال سنوات العدوان الثلاث أنه سيأتي يوم وننتصر، فنحن نلمس تقهقراً وتراجعاً واضحاً لتلك القوى المهزومة بفعل صمودنا، لذلك لا بد أن نعد لما بعد الانتصار.
الشعب اليمني، الذي استطاع أن يحمي وطنه ضد عدوان كوني، قادر بكل عزيمة وقوة ويقين على أن يبنيه، ولا بد أن تكون رؤيتنا للمستقبل أكثر إيجابية وأكثر طموحاً نحو بناء الدولة المدنية التي تمتلك حق القرار السيادي بعيدًا عن أي تدخلات أو وصاية، والتي دفع الشعب اليمني من أجلها خيرة شبابه وأبنائه، حين قدم قوافل من الشهداء، وبذل عظيم التضحيات ليعيش حراً أبياً في وطنه، وتحدوه تطلعات وآمال نحو النهضة والبناء.

أترك تعليقاً

التعليقات