نزيف تعز سببه المجرمون داخلها
 

محمد طاهر أنعم

الوضع المأساوي الذي تعيشه مدينة تعز في السنة الأخيرة، سببه المجرمون المنتشرون داخلها باسم المقاومة الشعبية المسلحة ضد الدولة اليمنية.
أولئك المجرمون يقومون بكل الأعمال الإجرامية التي يعرفها البشر، ابتداء بالقتل، مروراً بالسرقة والسطو المسلح على البيوت، ووصولاً لخطف الأطفال والفتيات، وليس انتهاء بتجارة الحبوب المخدرة والحشيش وسائر الممنوعات.
هذه الأعمال يرتكبها شباب يحملون السلاح، ولا تردعهم أية قوة داخل المدينة، بسبب أن الدولة غير موجودة، وقد استطاع حزبا الإصلاح والناصري أن يحررا وسط المدينة من نفوذ الدولة، وبسبب أن هؤلاء الشباب هم في معظمهم من الشباب المنتمين لفصائل ما تسمى المقاومة الشعبية في تعز!
وفي فترة الفوضى المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات في تعز، تم تسليح كثير من الشباب العاطل وأصحاب السوابق في تعز، وإعطاؤهم مصروفاً يومياً من أجل القتال ضد قوات الجيش والأمن اليمني، فانضم معهم كل مجرم وبلطجي وهارب من العدالة والفارون من السجن المركزي والإرهابيون الفارون من الأمن السياسي بتعز، لأن تلك الأجهزة الأمنية هي خصمهم الذي يتابعهم منذ سنوات.
يعرف معظم أبناء مدينة تعز أن مجموعات كثيرة من البلطجية ولصوص الأراضي والمجموعات المسلحة كانت تعيث في المدينة فساداً سابقاً، وأن فترة المحافظ الأخير لتعز قبل فوضى المقاولة، وهو شوقي أحمد هائل، كانت فترة ضبط وردع لهم، أدت لفرارهم من المدينة إلى الريف الشمالي للمحافظة، في منطقة المخلاف في مديريات التعزية وشرعب السلام، كما أدت لسجن كثير منهم.
تلك العصابات كانت مشهورة بالقتل، ويتم استئجارها وطلبها من أي شخص إذا كانت له مشكلة أراضٍ أو عقارات، أو حتى رغبة في قتل شخص ما أو سرقة سيارة ما أو غيرها.
وكانوا يحضرون لحصار تلك الأراضي وإطلاق النار بكثافة على العمال أو أي معدات بناء لإيقاف العمل فيها، بل وإطلاق النار على رجال الأمن في فترات سابقة حين كانوا يخرجون بعدد محدود في طقم واحد أو مجموعة بسيطة.
في فترة المحافظ شوقي أحمد هائل سعيد أنعم، قرر إنهاء هذا الوضع، فأصبحت الدوريات الأمنية تخرج بأربعة أطقم منوعة، من الشرطة العسكرية والأمن العام والأمن المركزي ومكافحة الإرهاب، ومحملاً بعضها بسلاح متوسط، وكنا نشاهد في تلك الأيام تلك الدوريات تجوب المدينة في كل وقت، ولا تتردد في التمركز واستهداف أي تجمعات مسلحة مشبوهة.
وتم حينها عمل نقاط لمنع حمل السلاح ومنع حركة الموتورات (الدراجات النارية) في أوقات المنع الرسمي، وكانت هناك مقصات حديدية آلية كبيرة يتم فيها قص السلاح الآلي غير المرخص فوراً، وكذلك قص الدراجة النارية، في موقع القبض عليها في نقاط التفتيش المفاجئة.
وصدرت عشرات أوامر القبض القهرية على مجرمي وبلاطجة المدينة والريف، وتم قتل بعضهم لمقاومته الأجهزة الأمنية، والقبض على كثير منهم، وفرار العدد الأكثر إلى خارج المدينة.
ولما جاءت فوضى المقاومة الشعبية المسلحة ضد الدولة، تم استقطاب كثير من تلك المجموعات الفارة، وكان الذي تولى كبر ذلك الاستقطاب هو الشيخ حمود سعيد المخلافي، الضابط السابق في الأمن السياسي، والعضو في جماعة الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح، ووزع عليهم السلاح والمال والمصروف اليومي، من أجل مقاومة الدولة وأجهزة الأمن، بحجة المقاومة الشعبية.
وفرح أولئك المجرمون، وانتهزوا هذه الفرصة المهمة، وركبوا موجة المقاومة، وقاموا بأبشع عمليات القتل والسحل والاستهداف والاغتيال لأفراد الجيش والأمن، ولما هدأت بعض الجبهات والقتال، عادوا لهوايتهم السابقة في السطو المسلح على بيوت المغتربين والنازحين، والبلطجة في المدينة، وسرقة سيارات الدولة والمعدات الثقيلة، والاستيلاء على المتاجر والوكالات والمخازن التجارية لبعض النازحين والمهجرين والمنتمين لمحافظات شمال الشمال، كل ذلك بتسهيل وغض الطرف من قيادات وفصائل المقاولة الشعبية الأخرى.
يضاف إلى كل ذلك فتح الطريق للجماعات الإرهابية مثل داعش وأنصار الشريعة (القاعدة) للوصول إلى تعز والتمركز فيها، والمشاركة في مقاومة الدولة والقوات المسلحة اليمنية، حيث تمركزت تلك الجماعات في جنوب المدينة بأحياء الجحملية وحوض الأشراف وسوق الصميل، وقامت بممارسة هوايتها في الذبح والسحل وحرق الجثث والتمثيل بها والاختطاف، وغيرها من الأمور.
كيف لا تمسي تعز مكاناً لانتشار كل الجرائم والفوضى، بعد أن أضحت مرتعاً للمجرمين والقتلة، وأصبحت تحتاج إلى تحرير جديد؟


أترك تعليقاً

التعليقات