السـوق مشحوط
 

عمر القاضي

قبل أيام قليلة صادفت أحد الأصدقاء الخبل تماماً، في سوق القات. كنت متوقعاً منه أن يسألني كيف السوق اليوم؟ لأني كنت مستعداً لإجابته بتلك الإجابة المعتادة والمرعبة التي يجيب بها أي مولعي وهو خارج من السوق، بالذات هذه الأيام الباردة: (السوق مشحوط)، لكن هذا الأخبل الذي مسك يدي وجرني إلى الرصيف واستدار يشاهد خلفه، وبعدها تحدث لي بهدوء، قال لي إن الناشطة المؤتمرية نورا الجروي فحطت. رددت عليه أنا داري. أيش يعني تفحط، يا أخي الإطارات حقها ما بهما شيء.
يبشرني كما لو أني كنت طارح خبر عند أهلها لخطبتها. الأخبل هذا أضاف وهو قلق قال حتى نبيل الصوفي فحط عدن. طبعاً هذا الأخبل متجمل من نفسه أنه بشرني بهذا الخبر. مثل هذا الأخبل يوجد الكثيرون في كل مكان، من الذين يعتقدون أن مثل هؤلاء الأشخاص ذوو أهمية. شلوك أنت وهم.
وعلشان يؤكد هذه البشارة الخبلة قال لي إن الخبر نقلته قناة (العربية). الله والزقرة، قلت بيني وبين نفسي ذلحين هذا الأخبل إيش بيستفيد أني صدقت أو ما صدقت. وأنا إيش يهمني من خبر بائت ولا قيمة له كهذا، جاء يبشرني أن نورا الجروي العفاشية هربت. أشعرني أنها كانت تطبخ وتصبن الملابس حق اليمنيين. نورا الجروي يا أخبل كانت تجلس تفسبك للصبح، ترد على المدردشين، تبشرهم أن أنصار الله انتهوا وطارق قده بالجراف.. 
هذا الأخبل يعتبر أن اليمنيين حزينون ونادمون على خونة كنورا ونبيل الصوفي، وأن اليمن بعد هروبهم منتهية.. شلوك أنت ونبيل الصوفي ونورا. لا يا أخبل تعرف قصة نبيل الصوفي عندما كان عضواً إخوانياً متطرفاً، وقصة انبطاحه أمام إطارات إحدى الحافلات التي كانت ستقل رحلة طلابية جامعية، معترضاً على الاختلاط. وبعد سنوات من عمله كعضو متطرف للإخوان، زجوا به للعمل داخل حزب المؤتمر. وقد تعامل معه حزب المؤتمر أنه الإعلامي والدينامو المهم بعد أحمد الصوفي في الحزب.
يا صديقي الأخبل أيش المهم في شخص كهذا؟ هل لأنه كان يقدم برنامجاً أسبوعيأ في قناة (اليمن اليوم)، يستضيف فيه خبيرات تجميل ومكوفرات، ليسألهن عن الأضرار التي ستنجم عن استخدام المرطبات والدهانات والصوابين خلال أيام البرد؟ على أساس أن المجتمع اليمني يهمه تحسس البشرة وتساقط الشعر!
الإخواني نبيل في برنامجه الناعم هذا خلال الحرب، لم يتحدث مرة واحدة عن المجازر بحق الشعب اليمني جراء الحصار والعدوان السعودي. لم يستضف شخصاً ليسأله عن حساسية معدهم الفارغة، لم يناقش المواد الكيماوية والقنابل العنقودية التي ترش وتقذف على رؤوس أطفالنا في صعدة وأماكن شتى يومياً.
والمضحك من ذلك أن نبيل الصوفي يشعر أن برنامجه مهم لأنه يناقش قضايا المرطبات والكريمات المعاصرة، لأنها قضايا تهم شعبنا اليمني المحاصر منذ 3 أعوام، وأن تحسس البشرة قضية وطن..

أترك تعليقاً

التعليقات