كشوفات عملاء الرياض
 

محمد طاهر أنعم

قبل أيام، تم نشر عدد من الكشوفات بأسماء عشرات اليمنيين من السياسيين الذين شاركوا في مؤتمر الرياض، قبل سنتين، لتبرير العدوان على اليمن، وفيه المبلغ الذي استلمه كل واحد منهم، على 5 فئات حسب مرتباتهم، الفئة الأولى مليون ريال، والثانية 800 ألف، والثالثة 600 ألف، والرابعة 400 ألف، والخامسة 200 ألف ريال سعودي، ولعدد يزيد على 100 شخص، بداية من عبدربه منصور هادي، وعلي محسن الأحمر، وعبدالكريم الإرياني، وأحمد عبيد بن دغر، مروراً بالعديد من القيادات من مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية والمشائخ والوزراء وأعضاء مجلس النواب في اليمن.
هذه الكشوفات تم اكتشاف نسخة منها مؤخراً في أحد منازل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، ويظهر أنها تسربت أو وصلت بطريقة أو بأخرى حينها، ولكنها لم تكشف إلا في الأسبوع الماضي.
هذه المبالغ هي فضيحة تاريخية مكشوفة ومدوية تثبت فساد النخبة السياسية اليمنية وارتهانها للمال، واستعدادها لبيع كل مقدس وغالٍ من أجل المال السعودي، وهي كارثة مدمرة، وسبب لتأييد كثير من تلك النخبة للعدوان السعودي البائس.
لقد اعتاد نظام بني سعود على شراء ذمم كثير من الطبقة السياسية اليمنية طوال 40 سنة ماضية، بل خصص لهذا الأمر لجنة خاصة مرتبطة بمجلس الوزراء السعودي مباشرة، وهي اللجنة الخاصة للشؤون اليمنية، التي كان يرأسها الأمير سلطان بن عبدالعزيز بن سعود وزير الدفاع السعودي وولي العهد الأسبق أيام الملك عبدالله، ثم بعد وفاته ترأسها الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وولي العهد الأسبق أيضاً، وبعد وفاته ترأسها الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وولي العهد السابق في بداية عهد الملك سلمان، وبعد عزله صارت تحت إشراف الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع وولي العهد الحالي.
والإصرار على ترؤس ولاة العهد لهذه اللجنة الخاصة طوال عقود، دليل على أهميتها وخطورتها بالنسبة للنظام السعودي، والذي يعتبر اليمن حديقة خلفية مهمة للسعودية، يجب أن تكون دائماً دائرة في الفلك السعودي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ولأن المسؤولين اليمنيين كانوا مرتشين طوال سنوات طويلة، فقد كانوا يتغاضون عن تسليم تلك الرواتب لكثير من الأشخاص داخل البلاد، والذي هو جريمة يعاقب عليها القانون في معظم دول العالم، لأنه يضعف الولاء الوطني، ويجعل الناس الذين يستلمون الرواتب مرتهنين للخارج الذي يدفع لهم.
لقد استغرب كثير من اليمنيين كيف يقبل البعض بهذا العدوان السعودي ويبررون له، ويحرضون على ضرب بلدهم وشعبهم ومنشآتهم، ولكن المتابعين للحراك السياسي اليمني ولعمالة كثير من النخب السياسية اليمنية للمال ولمن يدفع أكثر، يفهم بواطن الأمور جيداً، وجاءت هذه الكشوفات للتأكيد على ذلك الأمر، مرة أخرى.
لقد كانت لهذه الحرب سلبيات كثيرة وإيجابيات كثيرة، وفي وجهة نظري فإن من أهم إيجابياتها: كشف العملاء الذين يقدمون ولاءهم للمال السعودي على ولائهم لوطنهم وشعبهم، فبعداً لهم.

أترك تعليقاً

التعليقات