محمد ناجي أحمد

يرى السادات أن بإمكان الملك (خالد) فرض الانسحاب السوري من لبنان خلال 24 ساعة، فقط برسالة من (خالد) إلى (الأسد)، لكن مسار الهرولة أثبت أن موقف سوريا في عدم التنازل عن الأرض والسيادة، كان موقفاً مبدئياً، وأن هذا الموقف المبدئي العصي على التطويع والتطبيع، هو الذي جعل الكيان السعودي يحشد مرتزقته لتدمير سوريا جيشاً وأرضاً وإنساناً.
يصف الرئيس الأمريكي كارتر (بيغن) بأنه (رجل صارم ونزيه)، وأن سيطرته على سيناء المستمدة من الحروب التي لم تبدأها إسرائيل (رغم الدور الأمريكي الذي قام به (جونسون) و(هنري كيسنجر) في الكذب على مصر، والوعد الذي أطلقوه لمصر بأن إسرائيل لن تبدأ الحرب، وأنهم سيقفون ضد من يبدأ بالعدوان، وقد أصبح معروفاً للقاصي والداني من صور أقمارهم الفضائية أن إسرائيل هي من خططت ونفذت العدوان بالاتفاق مع الأمريكيين، لتحريك السلام، حسب زعمهم، وابتكار خارطة للمفاوضات، تجعلها لعبة لا تفضي سوى إلى مزيد من الامتهان والاستلاب!
يرى السادات أن (بيغن) يتصرف (كالبقال) لأنه يناقش في كل (التفاصيل)، والسادات يبيع بالجملة! لقد أبلغ السادات الرئيس كارتر بأنه عندما ذهب (مبارك) إلى السعودية، قال له (فهد) بأن المشكلة الوحيدة تكمن في تأخير اتفاقية السلام، وبالتالي أصبحت تهدد هدوء الشرق الأوسط. وكان (السادات مسترخياً ومسروراً).
لقد كان شاه إيران إحدى قنوات اتفاق السادات وإسرائيل، ولأنه صديق الغرب فلم تكن هناك مشكلة في أن يبيعوا له مفاعلات نووية، وقد اشترى بالفعل مفاعلين من الألمان، وطلب 4 أخرى منهم، واثنين من فرنسا. وسوف يتوجه إلى باريس غداً للبحث في عملية شراء إضافية منها، يقول كارتر: (كانت هذه بداية لبرنامج إيران للطاقة النووية، والتي أصبحت الآن محط الاهتمام في جميع أنحاء العالم, وكدولة وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة، فلإيران الحق في الحصول على الطاقة النووية. كما يحق لها إعادة معالجة اليورانيوم لاستخدامه كوقود. والمشكلة الآن هي أن إيران على ما يبدو تخطط لاستخدام اليورانيوم العالي التخصيب لصنع أسلحة نووية).
وعن زيارة السادات لإسرائيل يقول كارتر بأنهم مارسوا الكثير من الضغط على لنجاح الزيارة، وأنه باستثناء من وصفهم بالمعتوهين (في ليبيا والعراق، كان الباقون معتدلين في نقدهم)، وهو يشير بوصف المعتدلين إلى المملكة السعودية ومن يسير في فلكها..
كان لبيغن خطة تتمثل في (أن تشكل إسرائيل والمملكة العربية السعودية وإثيوبيا ومصر والمغرب قاعدة لقوة مشتركة في الشرق الأوسط)، ويرى السادات أن أي هجوم على إيران بعد سقوط الشاه، يجب أن يكون ذا شقين، واحداً منها من مصر، وأراد العراق عام 1980 تحسين العلاقة مع الأمريكيين شرط العمل معاً على تقسيم إيران!
التقى (كارتر) في 5 ديسمبر 1979م، بالأمير (بندر) الذي أتى برسالة من ولي العهد الأمير (فهد)، وكانوا حريصين على تحقيق التسوية السلمية في الشرق الأوسط عن طريق وضع خطة على غرار خطة مارشال: تحديد رأسمال يصل قدره إلى نحو 20 مليار دولار. والاعتراف بالحصار المفروض على إسرائيل ورفعه، وإعادة الروابط مع مصر بشرط أن تقوم إسرائيل بتنفيذ جوهر اتفاقيات كامب ديفيد والتعهد برعاية الفلسطينيين وبالانسحاب من الأراضي المحتلة، وقالوا بصراحة إن حديثهم لم يكن عن كل الأراضي المحتلة. يميل السعوديون لإخباري ما أود سماعه (إنها خرافة المال العربي والعقل اليهودي التي يكررها الكيان السعودي. خطة مارشال سعودية لدمج وجعل إسرائيل رائدة وحاكمة علنية لمنطقة الشرق الأوسط)، إنه شرق أوسط بيريز الذي ألف فيه كتاباً نشره عام 93م!
يريد السعوديون أن تلعب أمريكا الدور الرائد في حماية منطقة الخليج، ويريدون أن يدعموا بقوة، ولكن دون أن يرتبطوا بنا أمام الرأي العام، وهو أمر يمكن أن يسيء لهم بين إخوانهم المسلمين. هذه سمة الدول الضعيفة، أن تجعل أكبر عدد من الدول تحبها. وتجعل الدول القوية مثلنا تدافع عن مصالحها في السر وفي العلن. 
عن حادثة جهيمان:
يبدو أن الخميني قد تسبب في مشكلة للسعوديين بقوله: (ليس من المستبعد أن تكون الولايات المتحدة والصهاينة هم المتسببين بالوضع في مكة المكرمة). وقد أقر ولي العهد السعودي فهد بن عبد العزيز، بأنه قد يتم إصابة ومقتل نحو 1500 شخص من المحتلين للمسجد. وقال لرجالنا على انفراد إن هذه طريقة جيدة للتخلص من هؤلاء المسلحين. لهذا حرص السعوديون على عدم التصريح بدور القوات الأمريكية في التخلص من جهيمان وصحبه، والمئات من المسلحين والمدنيين داخل الحرم المكي.

أترك تعليقاً

التعليقات