عقيق
 

مهدي علواني المشولي

إن أية قراءة راهنة للمشهد السياسي اليمني عموماً، ووضع الجنوب الحالي خصوصاً، في ظل استمرار العدوان السعودي/ الأمريكي، وتداعياته على مختلف الأصعدة، في حال توقفه، وفي ضوء وضع الجنوب الحالي الواقع تحت الاحتلال الأجنبي المتعدد الجنسيات، ومختلف جماعاته الإرهابية وفصائله المسلحة، يصعب التنبؤ في فرضية إيجاد سلام حقيقي في اليمن، أو نجاح أية تسوية سياسية، بل من الصعب التنبؤ واستشراف المآلات المستقبلية من واقع ذلك.
إلا أن محاولات السعي لإيجاد تسوية حقيقية للسلام، ستفضي إلى واقع جديد، تستدعي أولاً الوقوف أمام مجمل التداعيات التي شكلت المشهد السياسي، واستدعت لحظته الراهنة، سواء من خلال أية تسوية سياسية تتفق عليها الأطراف المختلفة المتصدرة الآن لهذا المشهد، في حوارات ومشاورات الكويت، ومقارباتها السياسية الحالية، أو من خلال ما قد تفرضه توجهات قوى وقوة اللاعبين الأساسيين في ميادينه العسكرية وساحاته السياسية، والتسليم بها كأمر واقع، يفرض حروبه أو سلامه بنفسه كيفما شاء وشاءت قوته، وما سيترتب على كل ذلك، على هذا البلد وشعبه المطحون في سلمه وحروبه على حد سواء.
وبالعودة على بدء، نجد أن أحداث المشهد الراهن بمختلف اتجاهاته وكل تشعباته وواقع محيطه، تختلف اختلافاً كلياً عن كل مشاهد الأحداث الماضية، والصراعات السياسية السابقة التي شهدتها اليمن خلال تاريخها المعاصر، وحقبها السياسية المختلفة.
فالعدوان السعودي الأمريكي الحاضر لم يستهدف ـ كما يدعي ـ قوة أنصار الله فقط، أو لدعم شرعية الفار هادي، بل كان هدفه الأول، وليس الأخير، تدمير هوية اليمن القوية، وما تتمتع به من تسامح كبير في التنوع الاجتماعي والسياسي والديني والثقافي والحضاري الذي كان حاضراً بقوة، تجمعه بها جغرافية موحدة وتاريخ موازٍ لها في مختلف الحقب، ولو في ظلال دولة ضعيفة وسلطة وطنية هشة، وسعى بكل إمكانياته المادية والعسكرية إلى إفراز واقع أليم من الدمار، وخلق شرخ واسع في النسيج الاجتماعي لكي يصعب الأصعب أمام أية سلطة يمنية قادمة، والتي ستجد نفسها أمام تحديات كبيرة، إن لم نقل شبه مستحيلة، إذا ما شرعت في معالجة ما دمره العدوان، أو تصحيح إخفاقات السلطات الوطنية المتراكمة من خلال الاستجابة لاحتياجات الشعب العاجلة.. كما يحدث الآن في عدن، الواقعة تحت سيطرة سلطة الاحتلال وأدواته، وكذلك سيكون الحال غداً في بقية المدن اليمنية المحاصرة، في حال تسوية هشة بأدوات العدوان نفسه.

أترك تعليقاً

التعليقات