الكويت 2
 

محمد عبده سفيان

من المقرر أن تبدأ غداً الاثنين في العاصمة الكويتية، الجولة الثالثة من المفاوضات الخاصة بوقف العدوان البربري الغاشم الذي تشنه على وطننا وشعبنا اليمني المملكة العربية السعودية والدول المتحالفة معها، منذ 26 مارس 2015م، ووقف الحرب الملعونة التي تدور رحاها في عدد من محافظات الوطن، وخصوصاً (تعز ومأرب والجوف ولحج والبيضاء وشبوة والضالع).
مفاوضات أو (مباحثات) الكويت تأتي بعد مرور عام كامل من العدوان البربري الغاشم والحصار الجوي والبري والبحري الجائر من قبل النظام السعودي وحلفائه من أنظمة الشر العربي والعالمي، وبعد مرور عام على الحرب العبثية بين اليمنيين، والتي أشعل فتيلها حكام السعودية وحلفاؤهم من حكام إمارات الخليج، ودعموا أحد أطرافها بكل أنواع الدعم المالي والعسكري وكذا الدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي عربياً وإقليمياً ودولياً، تحت مسمى (الشرعية)!
كما أن مفاوضات الكويت تأتي بعد فشل جولتين سابقتين من المفاوضات عقدتا في سويسرا، بسبب عدم الجدية والمصداقية من قبل النظام السعودي في إنهاء عدوانه الظالم غير المبرر، وإنهاء الحرب الداخلية، حيث إن الوفد الذي ذهب للتفاوض في الجولتين السابقتين باسم (الحكومة الشرعية في الرياض)، لم يكن قراره بيده، إذ إن النظام السعودي هو صاحب القرار الأول والأخير، ولذلك كان مصير الجولتين السابقتين من المفاوضات في سويسرا الفشل.. ضف إلى ذلك تهاون مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وعدم جديتهما في إجبار النظام السعودي وحلفائه في عاصفة (الجرم) العربي، على وقف عدوانهم على الشعب اليمني، ووقف دعمهم للمليشيات المسلحة التابعة للفارين عبدربه منصور هادي وعلي محسن وحميد الأحمر والحراك الجنوبي الانفصالي وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأنصار الشريعة والجماعات السلفية المتطرفة بمسمياتها المختلفة ومليشيات حزب الإصلاح وشركائه من الناصريين والاشتراكيين الموالين للنظام السعودي وحلفائه في جريمة العدوان من إمارات الخليج.
ما من شك أن أنظار اليمنيين داخل الوطن وخارجه ستتجه غداً الاثنين صوب العاصمة الكويتية لمتابعة مجريات الجولة الثالثة من المفاوضات، وسيتضرعون إلى الله العلي القدير أن تكلل بالنجاح، ولدى غالبية الشعب اليمني شعور خاص بأن الله سبحانه وتعالى سيوفق الأطراف المتفاوضة في التوصل إلى اتفاق نهائي شامل وكامل ينهي العدوان السافر والحصار الجائر والحرب الداخلية الطاحنة بين الأطراف المتصارعة على السلطة، وعودة السلام والأمن والاستقرار والحياة العامة الطبيعية للشعب اليمني.. ومبعث هذا الشعور هو أن دولة الكويت الشقيقة دوماً ما يأتي منها الخير للشعب اليمني، فالأشقاء في الكويت قيادة وحكومة وشعباً كانوا وما يزالون يقفون إلى جانب اليمن ووحدته وأمنه واستقراره وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، وكل أبناء الشعب اليمني يتذكرون بكل اعتزاز وتقدير الدور الكبير الذي قام به الأشقاء في الكويت عام 1979م، لوقف نزيف الدم اليمني عندما اندلعت الحرب الدامية بين أبناء الشعب اليمني على الحدود الشطرية الفاصلة بين ما كان يعرف سابقاً بـ(الجمهورية العربية اليمنية) و(جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، حيث قامت القيادة الكويتية آنذاك ممثلة بسمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، بالتوسط لوقف الحرب بين الشطرين، واحتضان اللقاء الوحدوي التاريخي الذي عقد في العاصمة الكويتية بين وفدي قيادتي شطري اليمن آنذاك برئاسة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة في الشطر الشمالي، والرئيس عبدالفتاح إسماعيل رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في الشطر الجنوبي، للفترة من 28 وحتى 30 مارس 1979م، والذي تم فيه التوقيع على اتفاق وحدوي تاريخي هام مهد الطريق نحو إنجاز حلم الشعب اليمني المتمثل بإعادة وحدة وطنه أرضاً وإنساناً، والذي تحقق بفضل من الله وجهود كل الوحدويين والوطنيين المخلصين، يوم 22 مايو 1990م.
ختاماً: على الرغم من أن كل المؤشرات والمعطيات الميدانية تشير إلى أن هناك محاولات لإجهاض مفاوضات الكويت، كما تم إجهاض المفاوضات الأولى والثانية التي عقدت في سويسرا، حيث لم يتم الالتزام من قبل السعودية بوقف عدوانها الجوي والبحري والبري، حيث استمرت الطائرات الحربية بشن غاراتها الجوية على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، وتنفيذ هجوم بحري على ذباب من قبل البوارج والسفن والزوارق الحربية المرابطة في البحر الأحمر، وبإسناد جوي من قبل طيران الأباتشي.. كما قامت بإمداد المليشيات التابعة للموالين لها بمختلف أنواع الأسلحة، حيث تم خلال الأسبوع الماضي، وبعد دخول موعد وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الساعة الـ12 منتصف ليلة الأحد 10 أبريل الجاري، تم إنزال أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة 3 مرات في محافظة تعز في كل من (تربة ذبحان بمديرية الشمايتين ومنطقة أيفوع في عزلة بني حماد بمديرية المواسط)، وتنفيذ عدة زحوفات في ذباب ومدينة تعز وكرش بمحافظة لحج ونهم بمحافظة صنعاء ومأرب والجوف وشبوة والبيضاء.. 
بالرغم من كل ذلك، إلا أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، وأنا أحدهم، يتطلعون بآمال كبيرة إلى أن المفاوضات التي ستنطلق غداً في الكويت، سيكتب لها النجاح لإنقاذ اليمن، كما تكللت المفاوضات الأولى التي عقدت نهاية مارس عام 1979م، بالنجاح والتوفيق، وأنقذت اليمن من حرب طاحنة، وفتحت آفاقاً رحبة أمام اليمنيين لاستعادة وحدتهم وبناء اليمن الجديد.

أترك تعليقاً

التعليقات